صلاة الخوف هي: الصلاة المكتوبة التي يحضر وقتها والمسلمون في مقاتلة العدو أو في حراستهم، وحالة الخوف لا تؤثر في قدر الصلاة ووقتها وإنما تؤثر في كيفية إقامة الفريضة إذا صُليت جماعة، وهذا يدلنا على عناية الإسلام بأمر الصلاة وتأكيده على أداء الصلاة في جماعة.
بقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
صلاة الخوف هي إحدى الصلوات الخمس، إذا أديت في حالة خوف خاص بالمصلي بأن كان يخشى على نفسه من أعدائه، أو من سبع، أو غير ذلك، فإنه يرخص له في أداء الصلاة حسب حالة الوضع الذي يقيه شرهم، وهذا هو المراد بقوله تعالى: (فإن خفتم فرجالاً أو ركبانًا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون). وهذه الحالة تسمى حالة الخوف الأصغر؛ لأنها يؤديها المسلم منفردًا، أو في جماعة، في حالة السلم، أو حالة الحرب.
أما حالة الخوف الأكبر، فهو أداء الصلاة في حالة الحرب، والجيش المسلم تجاه العدو.
وقد جاءت هذه الكيفية مفصلة في القرآن الكريم، وكذلك في السنة النبوية المشرفة، أما القرآن الكريم فقد جاء تفصيلها في قوله تعالى: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنْتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا).
فالقرآن الكريم يأمر قائد الجيش المسلم حتى يحصل هو ومن معه على ثواب صلاة الجماعة أن يقسم الجنود الذين يعملون تحت إمرته إلى فرقتين، فرقة تظل في مواجهة العدو، لتراقب تحركه، ويصلي بالفرقة الثانية إحدى الركعتين، ثم يقف حتى تكمل هذه الفرقة الركعة الثانية، ثم يذهبوا إلى موقعهم في مواجهة العدو، ثم تأتي الفرقة الأولى لتقف خلف الإمام ليصلي بهم الركعة الثانية، وينتظرهم جالسًا حتى يكملوا صلاتهم، ويسلم بهم.
وأما ما جاء في السنة المطهرة فهو بيان عملي من النبي ـ ﷺ ـ وأصحابه لكيفية صلاة الخوف، ففي الحديث المتفق عليه: عن صالح بن خوات عمن شهد رسول ـ ﷺ ـ يوم ذات الرقاع صلى صلاة الخوف (أن طائفة من أصحابه ـ ﷺ ـ صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائمًا، وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا، وصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت، ثم ثبت جالسًا، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم ).
وهذا التشريع الذي جاء موضحًا في الكتاب والسنة يدل على مدى أهمية صلاة الجماعة، وضرورة المحافظة عليها حتى في حالة الحرب ومواجهة العدو، أما في حالة القتال المتلاحم والاشتباك في المعركة، فإن كل جندي يصلي وحده حسب ما تيسر له من قيام أو قعود أو إجراء الصلاة على قلبه، وغير ذلك من الكيفيات.