تنوعت آراء العلماء في سبب تسمية القرآن الكريم بهذا الاسم ،فمنهم من رأى أنه مهموز،أي من أصل كلمة فيها همزة ،وهؤلاء اختلفوا في أصله هل هو من القرء أي الجمع أومن قرأ ،وقيل :إن أصله ليس مهموزًا ،فهو من قرن ،لأن الآيات والسور يقرن بعضها بعضًا ،وتتلاحم فيمابينها،وقيل: القرآن علم على كتاب الله ،لا يرجع أصله إلى جذري لغوي .
يقول الدكتور عبد الرازق فضل :
القرآن الكريم كتاب الله الذي نَزَلَ على محمد رسول الله ـ ﷺ ـ المُتَعَبَّدُ بتلاوته، وكلمة القرآن تُطْلَق ويُرَاد بها الكتاب العزيز كُلُّه، كما تُطْلَق على أقلِّ القَلِيلِ منه، فيسوغُ لك أن تُطْلِقَ على أقصر آية في كتاب الله كلمة قرآن، وللقرآن الكريم أسماءٌ متعددة منها: القرآن والكتاب والذكر والفرقان. وقد وَصَل بها الإمام السيوطيّ إلى خمسة وخمسين اسمًا، والذي يظهر لنا أن هذه الأسماء أخَذَها العلماء من الصفات التي وُصِفَ بها القرآن الكريم في كتاب الله، وما مِنْ شَكِّ في أن كثرة الأسماء تدُلُّ على شَرَفِ المُسَمَّى.
وسبب تسمية كتاب الله قرآنًا قال فيه العلماء وأكثروا، ومن هذه الأقوال أن كلمة قرآن وَصْف من القَرْءِ بمعنى الجَمْع تقول العرب: قرأت الماء في الحوض أي جَمَعْته. وعلى ذلك فتسمية القرآن قرآنًا راجعة إلى أنه جَمَعَ ثمرات الكتب السابقة المُنَزَّلَة من عند الله ـ تبارك وتعالى ـ ولأنه جَمَعَ ألوان العلوم، وإن شئت فقل: لأنه جَمَعَ وكفى (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء).
والإمام الأشعريّ يرى أن كلمة قرآن مأخوذة من الفِعْلِ قَرَنَ من قولهم: قَرَنْتُ الشيء بالشيء إذا ضَمَمْتُ أحدَهما إلى الآخر، وسُمِّي القرآن بهذا الاسم لأنه مؤلَّف من آيات وسور يُضَمُّ بعضها إلى بعض،
وبين كل آية وسابقتها ولاحقتها مناسبة، وبين كل سورة وسورة مناسبة، وهكذا تجد اقتران آيات القرآن وسوره بعضها إلى بعض واضحًا جليًّا لكل مَنْ طلبه حتى كأن القرآن الكريم كلَّه سورة واحدة.
وقد روى ابن منظور عن الشافعيّ ـ رضي الله عنه ـ أنه قَرَأ القرآن على إسماعيل بن قسطنطين فكان يقول: القرآن اسمٌ، وليس بمهموزٍ، ولم يُؤخذ من قرأتُ، ولكنَّه اسم للتنزيل العزيز مثلَ التَّوْرَاة للتنزيل الذي نَزَل على موسى، والإنجيل للتنزيل الذي نَزَل على عيسى. ونختار أن القرآن مأخوذ من القراءة بمعنى المقروء، وذلك لأنه لا يُحفظ حِفْظًا جَيِّدًا إلا بطريقِ التَّلقّي عن قارئٍ، كما أنه الكتاب، أي المكتوب، فهو مجموع حِفْظًا في الصدور. ودليل ذلك أن القرآن مجموعٌ كتابةً في المُصْحَف، وفي ذلك إشارة إلى أنَّ حفظه متحقِّق من ناحيتين: ناحية الصُّدور حِفْظًا، وناحية السطور كتابة، ولابد من تصديق إحدى الطريقتين للأخرى (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).