مظاهر الصلة فهي ليست نوعا واحدا، ويخطيء كثير من الناس حينما يظنون أن معنى صلة الرحم الزيارة فحسب، والصحيح أن كل ما يحصل به إيصال النفع، ودفع الضر هو من الصلة، كما يجب تفقد الأخبار، وتحسس الأحوال، وقد تجب المواساة بالمال للقريب الفقير إذا قدر الإنسان على ذلك.
والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك سبب مقاطعتهم، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى.
يقول الشيخ عطية صقر– رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا- رحمه الله تعالى:
قطيعة الرحم من الذنوب الكبيرة، والنصوص فيها كثيرة، ومن أجل هذا ينبغى أن يتحمل المسلم أكثر ما يتحمل إذا كانت المضايقات من أقاربه ، ولا ينبغى أن يقابلهم بمثل إساءتهم خصاما وقطيعة، فالحديث فى هذه الحالة يؤكد عدم القطيعة .
ومما ورد فى النص على ذلك ما رواه الطبرانى وابن حبان فى صحيحه عن أبى ذر رضى الله عنه، قال : أوصانى خليلى ﷺ بخصال ، وذكر منها : وأوصانى أن أصل رحمى وإن أدبرت . وما رواه البخارى وغيره “ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها ” .
وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن لى قرابة أصلهم ويقطعونى ، وأحسن إليهم ويسيئون إلىَّ ، وأحلم عليهم ويجهلون على، فقال ” إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ” رواه مسلم . والمل هو الرماد الحار، وهو تشبيه ما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ، ولا شىء على هذا المحسن إليهم، لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم فى حقه، وإلحاقهم الأذى به .
هكذا شرح النووى معنى الحديث.