يحرم زخرفة المسجد إذا كان ذلك من مال الوقف، أما إذا كان هناك من يتبرع بذلك فالمسألة محل خلاف، فجمهور الفقهاء خلافا للحنابلة ذهبوا إلى القول بالكراهة، أما الحنابلة فقد ذهبوا إلى القول بحرمة زخرفة المساجد مطلقا، وهذا ما قال به سماحة المستشار فيصل مولوي –رحمه الله تعالى- نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء- وهذا نصه:
تكلم الفقهاء في مسألة زخرفة المساجد فذهبوا مذاهب شتى، وربما كان السبب في ذلك أن زخرفة المساجد أمر طارئ على المسلمين، لأن المساجد في عهد النبوة كانت متواضعة، وحتى في أيام الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم لم تكن المساجد مزخرفة.
وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية جزء 37 ص 205 أن أول من ذهّب الكعبة في الإسلام وزخرفها وزخرف المساجد الوليد بن عبد الملك، نعم عمروا بعض المساجد وفيها حجارة منقوشة كما فعل سيدنا عثمان رضي الله عنه لكن هذا لا يعتبر من الزخرفة المعروفة.
ويضاف إلى ذلك أنه وردت بعض الأحاديث أن زخرفة المساجد من علامات الساعة ووردت بعض الآثار المختلفة في هذا المجال.
وهذا عرض لأقوال الفقهاء:
1- ذهب الحنفية إلى أنه لا بأس بنقش المسجد خلا محرابه فإنه يكره لأنه يلهي المصلي، وكرهوا التكلف بدقائق النقوش ونحوها خصوصاً في جدار القبة. وقيل: يكره في المحراب دون السقف، وظاهره أن المراد بالمحراب جدار القبلة، والمراد بالنقش هنا ما كان بالجص وماء الذهب لو كان بمال الناقش، أما لو كان من مال الوقف فهو حرام. الموسوعة.
2- وكره المالكية تزويق حيطان المسجد وسقفه وخشبه والساتر بالذهب والفضة إذا كان بحيث يشغل المصلي وإلا فلا، كما يكره كذلك عندهم تزويق القبلة بالذهب وغيره…..
3- وعند الشافعية: قال الزركشي: يكره نقش المسجد، ولا شك أنه لا يجوز صرف غلة ما وقف على عمارته في ذلك، وعبارة القاضي الحسين: لا يجوز صرفها إلى التجصيص والتزويق….
4- وعند الحنابلة: تحرم زخرفة المسجد بذهب أو فضة وتجب إزالته…..
وخلاصة القول أن الجمهور ذهبوا إلى الكراهة في الزخرفة والتزويق لاعتبارات وأسباب منها: إلهاء المصلين والإسراف في النفقة والحقوق المتعلقة بالأموال بشكل عام، خاصة إذا كان المال وقفاً أو يحتاج إليه للحاجات الضرورية، ومن أحسن ما ورد في هذا الموضوع قول الإمام البغوي: ومن زوق مسجداً أي تبرعاً لا يعد من المناكير التي يبالغ فيها كسائر المنكرات، لأنه يفعله تعظيماً لشعائر الإسلام، وقد سامح فيه بعض العلماء، وأباحه بعضهم….
أما من وقف مالاً على النقش والتزويق فجاء فيه قولان:
أولهما لا يصح لأنه منهي عنه ولأنه من أشراط الساعة، ولأنه مما يلهي عن الصلاة.
ثانيهما: يصح لما فيه من تعظيم المسجد وإعزاز الدين. انظر الموسوعة جزء37 ص 203.