يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:

إسقاط الجنين يوجب ما يسمَّى في الفقه بالغرة، وهي نصف عشر الدية وهي عقوبة على الفاعل بقول أو فعل، أو ترك، ولو كان هذا من الحامل نفسها أو زوجها عمداً أو خطأ.

واختلف الفقهاء في وجوب الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فالحنفية والمالكية يرون أن الكفارة مندوبة وليست واجبة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقض بها في حديث أبي هريرة: “أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة”.

ويرى الشافعية والحنابلة وجوب الكفارة مع الغرة، لأنها حق لله تعالى لا للآدمي، ولأنه نفس مضمونة، فوجبت فيه الكفارة.

وهذه الغرة تلزم عائلة الجاني عند الحنفية. وعند الشافعية في قول والحنابلة أنها على الجاني ولو كانت الأم في حال جناية العمد، ولهم تفصيل في هذا، وذهب المالكية إلى أن الغرة يتحملها الجاني من ماله في العمد والخطأ، إلا أن يبلغ ثلث ديته فأكثر، فعلى العاقلة، كما لو ضرب مجوسي حرة حبلى فألقت جنيناً فالغرة الواجبة أكثر من ثلث دية الجاني.

وأما بالنسبة لعمر الجنين، وهو شهر ونصف، فهناك خلاف بين الفقهاء على وجوبها، فعند الحنفية أن الغرة تجب إذا استبان بعض خَلق الجنين، وهذا لا يتحقق يقيناً إلا بعد مئة وعشرين يوماً، وهو تمام الخلق، ومن الفقهاء من قال: تجب إذا كان ابتداء خلق الآدمي، أي في مراحله الأولى، قبل مائة وعشرين يوماً، ويمكن أن يكون في أربعين يوماً، أو عند تشكّل الخلق في ثمانين يوماً، وهذه كلها يمكن معرفتها اليوم بالوسائل العلمية التي تحدد عمر الجنين، وهل تشكل بخلق آدمي أم لا؟ وعند المالكية تجب الغرة مطلقاً، ولو لم يستبن شيء من خلقه ولو كان علقة أي دماً مجتمعاً، ولعل الصواب وجوبها إذا استبان خلقه، ولو لم يتم مائة وعشرين يوماً. أ.هـ