لا شك أن دعاء الوالدين مستجاب إذا صدر بسبب عقوق من الولد أو إساءة أدب أو ما إلى ذلك.
أما إذا أدى الولد حق أبيه فلا شيء عليه بعد ذلك، إذا دعا عليه، لأن الله سبحانه وتعالى قد وضع لنا مقاييس الخير ومقاييس الشر، وعلى أساس هذه المقاييس يكون الحساب.
وقد يخطئ بعض الناس في استغلال حقه فيُسيءُ إلى مَن أحسَنَ إليه أو لا يَقنَعُ بما يُقدَّمُ إليه، ومثل هذا لا يَستجيب الله له دعاءً على من أحسَنَ إليه، بل قد يتحول دعاؤه على غيره إلى دعاء عليه، يُصيبه شرُّه ولا يتحقق له عن طريقة أيُّ خير.
والدعاء على “الغير” لا يُقبل إلا إذا كان صادرًا عن إحساس بظلم صادر منه، لأن الله تعالى عَدْلٌ لا يَقبل الظلم، وقد أنذر الظالمين وفتح للمظلومين باب الانتصار بالقول والفعل وبالدعاء، وفي الحديث الصحيح: “ثلاثة لا تُرَدُّ دعوتُهم…” وذكر الرسول ـ ﷺ ـ منهم “…دعوةَ المظلوم يَرفعها الله فوق الغَمَام ويقول: وعزَّتي لأنصُرَنَّكِ ولو بعد حين.
والمسلم يعلم من نفسه إذا كان دعاء والده له سببٌ مقبولٌ أم لا، فإن كان يسيءُ إلى حقه أو يقصِّرُ فيما يجب عليه نحوَه فعليه أن يتوب إلى الله من ذلك، وأن يستسمحَ والده، وأن يسرِّيَ عنه ويطلبَ منه الدعاءَ له. وإن لم يكن منه شيء من ذلك استمر في أداء واجبه نحوه، ولا عليه بعد ذلك دعا أم لم يَدعُ؛ لأنه أدى حق الله عليه.
وحق الوالدين معلوم من الدين بالضرورة، ولهما الحق أحياءً وأمواتًا. ومن الممكن بوسائل المقدرة تفريجُ همومهما، والوصولُ إلى حبهما، والابتعادُ عن كل ما يُسبب غضبَها.
وعلى كلٍّ فالمدار على حسن المعاملة، والوفاء بالحق والواجب، والسير على أساس من الخوف من الله والرغبة في الوصول إلى رضاه.