يختلف حكم خطبة المعتدة باختلاف لفظ الخطبة –تصريحا كان أو تعريضا- وباختلاف حالة المعتدة رجعية كانت أو بائنا بطلاق أو موت ولكل حكم..
أولا: التصريح بالخطبة:
التصريح بالخطبة كأن يقول للمعتدة أريد أن أتزوجك أو إذا انقضت عدتك تزوجتك ونحو ذلك من العبارات التي يفهم منها القطع بالرغبة في الزواج، وقد اتفق الفقهاء على أن التصريح بخطبة معتدة الغير حرام سواء أكان من طلاق رجعي أم بائن, أم وفاة, أم فسخ, أم غير ذلك لمفهوم قول الله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:235].
جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي:وحرم التصريح بخطبة المعتدة ومواعدتها سواء كانت عدتها من طلاق, أو وفاة.
وقال صاحب التاج والإكليل المالكي نقلاً عن ابن عبد البر: صريح خطبة المعتدة حرام إجماعاً.
وجاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: ويحرم التصريح وهو ما لا يحتمل غير النكاح بخطبة معتدة بائن، قال في المبدع بالإجماع. انتهى.
ثانيا: التعريض بالخطبة:-
التعريض بالخطبة فسره ابن عباس –رضي الله عنهما- في تفسير قول الله تعالى { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ } بقوله: بأن يقول من يريد الخطبة للمعتدة: إني أريد التزوج، ولوددت أن ييسر لي امرأة صالحة.
والتعريض بالخطبة يختلف حكمه باختلاف حالة المعتدة رجعية أو بائنا أو معتدة وفاة..
وهذا التفصيل على النحو التالي كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
أ- التعريض بخطبة المعتدة الرجعية:اتفق الفقهاء على أنه يحرم التعريض بخطبة المعتدة الرجعية لأنها في معنى الزوجية لعودها إلى النكاح بالرجعة, فأشبهت التي في صلب النكاح ; ولأن نكاح الأول قائم ; ولأنها مجفوة بالطلاق فقد تكذب انتقاما.
ب-التعريض بخطبة المعتدة المتوفى عنها زوجها:
اتفق الفقهاء على أنه يجوز التعريض بخطبة المعتدة المتوفى عنها زوجها , ليفهم مراد المعرض بالخطبة لا ليجاب , وذلك لقوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء . . . } وهي واردة في عدة الوفاة , ولأن {رسول الله ﷺ دخل على أم سلمة رضي الله عنها وهي متأيم من أبي سلمة رضي الله تعالى عنه فقال : لقد علمت أني رسول الله وخيرته وموضعي من قومي} . ولانقطاع سلطنة الزوج عليها مع ضعف التعريض .
ج- التعريض بخطبة المعتدة البائن: ذهب المالكية والشافعية – في الأظهر عندهم – والحنابلة إلى أنه يجوز التعريض بخطبة المعتدة البائن لعموم قوله تعالى : { ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء …} ولما روي عن { فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها أن النبي ﷺ قال لها لما طلقها زوجها ثلاثا: إذا حللت فآذنيني } وفي لفظ {لا تسبقيني بنفسك} . وفي لفظ {لا تفوتينا بنفسك} وهذا تعريض بخطبتها في عدتها , ولانقطاع سلطة الزوج عليها . وذهب الحنفية وهو مقابل الأظهر عند الشافعية إلى أنه لا يجوز التعريض بخطبة المعتدة البائن لإفضائه إلى عداوة المطلق .