الضاد من أصعب الحروف نطقا في العربية وفي غيرها، وقد ابتعدت اللغات جميعها عن نطق الضاد لصعوبته، عدا اللغة العربية ولذا أطلق على اللغة العربية لغة الضاد، وليس كل من نطق العربية يستطيع أن ينطق هذا الحرف، والضاد مخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس، ومن أهم صفاتها الاستطالة.
جاء في التمهيد في علم التجويد للشيخ محمد بن محمد بن الجزري عن حرف الاستطالة:
“هو الضاد المعجمة سميت بذلك لأنها استطالت على الفم عند النطق بها حتى اتصلت بمخرج اللام وذلك لما فيها من القوة بالجهر والإطباق والاستعلاء واستطالت في الخروج من مخرجها ” أهـ
والضاد شبيهة جدا بالظاء، ولولا الاستطالة التي في الضاد لكانت ظاء، والخطأ في هذا أي جعل الضاد ظاء، خطأ قديم في اللغة العربية حتى حكى ابن جني ـ عبقري اللغة ـ في كتاب التنبيه وغيره أن من العرب من يجعل الضاد ظاء مطلقا في جميع كلامهم وهذا غريب وفيه توسع للعامة ، ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة لا يقدرون على غير ذلك. أهـ
فمن ينطق الضاد بصورتها التي هي قريبة من الظاء وليست ظاء، فهذه هي الضاد الفصيحة، ومن كان قادرا على النطق بالضاد الفصيحة ثم يأتي بها ظاء متعمدا فإنه يأثم، أما إذا عسر عليه النطق بالضاد الفصيحة، فإن مثل هذا مغفور له لعسرها على الألسنة.
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله:
والصحيح من مذاهب العلماء أنه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما، وذلك أن الضاد مخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس، ومخرج الظاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، ولأن كلا من الحرفين من الحروف المجهورة، ومن الحروف الرخوة ومن الحروف المطبقة، فلهذا كله اغتفر استعمال أحدهما مكان الآخر لمن لا يميز ذلك. أهـ
وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ عبد الرحمن الجزيري:[بتصرف]
اللثغ في اللغة تحول اللسان من حرف إلى حروف الهجاء. وهذا يقال له ألثغ لأن اللثغ في اللغة تحول اللسان من حرف إلى حرف، ومثل هذا يجب عليه تقويم لسانه، ويحاول النطق بالحرف صحيحاً بكل ما في وسعه، فإن عجز بعد ذلك فإن إمامته، لا تصح إلا لمثله، أما إذا قصَّر، ولم يحاول إصلاح لسانه فإن صلاته تبطل من أصلها، فضلاً عن إمامته، وهذا الحكم متفق عليه بين الحنفية، والشافعية، والحنابلة، إلا أن الحنفية يقولون: إن مثل هذا إذا كان يمكنه أن يقرأ موضعاً من القرآن صحيحاً غير الفاتحة وقرأه فإن صلاته لا تبطل، لأن قراءة الفاتحة غير فرض عندهم، وخالف في ذلك كله المالكية، فقالوا: إن إمامته صحيحة مطلقاً، كما هو موضح في مذهبم ، ومثل الألثغ في هذا التفصيل من يدعم حرفاً في آخر خطأ، كأن يقلب السين تاء، ويدغمها في تاء بعدها، فيقول مثلاً المتقيم بدل “المستقيم”؛ فمثل هذا يجب عليه أن جتهد في إصلاح لسانه، فإن عجز صحت إمامته لمثله، وإن قصَّر بطلت صلاته وإمامته.
أما الفأفأء، وهو الذي يكرر الفاء في كلامه، والتمتام وهو الذي يكرر التاء فإن إمامته تصح لمن كان مثله، ومن لم يكن، مع الكراهة عند الشافعية، والحنابلة، أما المالكية قالوا: إنها تصح بدون كراهة مطلقاً، والحنفية قالوا: إن إمامتهما كإمامة الألثغ، فلا تصح إلا لمثلهما بالشرط المتقدم.. والمالكية قالوا: الألثغ، والتمتام والفأفاء، والأرت، وهو الذي يدغم حرفاً في آخر خطأً، ونحوهم من كل ما لا يستطيع النطق ببعض الحروف. تصح إمامته وصلاته لمثله ولغير مثله من الأصحاء الذين لا اعوجاج في ألسنتهم، ولو وجد من يعلمه، وقبل التعليم، واتسع الوقت له، ولا يجب عليه الاجتهاد في إصلاح لسانه على الراجح.