اختلفت النظرة لتقبيل اليد باختلاف الباعث عليها، فإن كانت لتوقير عالم أو لاحترام أب فلا بأس ، أما إن كانت نفاقا، ورياء، فهي عمل قبيح مذموم يُنهى عنه.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي رحمه الله:
تقبيل اليد من الأعمال التي يرجع الحكم فيها إلى الدافع إليها والمُحرض عليها، فإن كان قصد الإنسان من تقبيل اليد نفاقًا أو رياء، فهي عادة مذمومة ورذيلة قبيحة، وإن كان المراد هو التوقير والتعظيم، أو التعبير عن الحب والشكران، فهي عمل جميل لا بأس به.
ومن هنا يعرف السبب في اختلاف النصوص الواردة بشأن تقبيل اليد، فبعضها يُنَفِّرُ منها، مثل ما رُوي أن رجلاً دخل على هشام بن عبد الملك فقبَّل يده، فقال هشام: ما قبَّلتِ العربُ الأيدي إلا هُلُوعًا، ولا قبَّلتْها العَجَمُ إلاَّ خُضُوعًا، وما رُوي أيضًا أن رجلاً استأذن المأمون في تقبيل يده، فقال: إن القُبْلَةَ من المؤمن ذِلَّةٌ، ومن الذِّمِّيِّ خديعة، ولا حاجة لك بها أن تذلَّ، ولا حاجة بنا أن تُخدع.
وبعضها يُحبَّب فيها أوْ لا يرى بها بأْسًا، فقد رُوي عن عبد الله بن عمر قال: كنا نُقَبِّلَ يَدَ النبيِّ ـ ﷺ ـ وعن مصعب قال: رأيت رجلاً دخل على عليٍّ بن الحسين ـ رضي الله عنهما ـ في المسجد، فقبَّل يده، ووضعها على عينيه، ولم يَنْهَهُ؛ وقد قال الإمام الغزالي ما نصه: “ولا بأس بقُبْلةٍ يدِ المُعظَّم في الدين تَبَرُّكًا به وتوقيرًا له، ورُوي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قبَّلنا يد النبي ـ ﷺ ـ وعن كعب بن مالك قال: لمَّا نزلتِ توبتي أتيت النبي ـ ﷺ ـ فقبَّلتُ يده، ورُوي أن أعرابيا قال: يا رسول الله: ائذن لي فأُقَبِّلَ رأسك ويدك، قال: فأذِن له ففعَل، ولقي أبو عبيدة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ فصافحه وقبَّل يده، وتَنَحَّيَا يَبْكِيَانِ.