إذا حلف الزوج على زوجته مثلا بصيغة “علي الطلاق تكوني طالقة ومحرمة علي مثل أمي وأختي وكل المحارم لو أخفيتي علي أي معلومة تخصك من أسرارك وأسرار أولادك أو أهلك”
إن هذا القول لا يعدو أن يكون طلاقا معلقا على عدم إخبار الزوجة زوجها بأسرارها وأسرار الآخرين المذكورين ، وهذا الطلاق مختلف فيه ، فقال الجمهور بوقوعه إذا وقع الشيء المعلق عليه الطلاق ، وهو عدم الإخبار بتلك الأسرار ، ولكن بعض الفقهاء يرون أنه لا يقع ، وهذا الرأي هو الراجح والمفتى به ، والمعمول به في بعض المحاكم الشرعية كما هو الحال في مصر.
وأما تحريم الزوجة كالأم وغيرها من المحاوم ، فلا يكون ظهارا ، لأنه لا يقصد به الظهار ، وإنما قصد به تأكيد الطلاق المعلق.
ويجب على الزوج أن يرجع عن ذلك ، ويستغفر الله تعالى ، وعلى الزوجة أن لا تطيعه في إفشاء أسرار الناس ، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
حكم الطلاق المقترن بالظهار
يقول الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا :
الطلاق يبدوا ـ إذا لم يكن طلاق تهديد ـ فإنه طلاق معلق على وقوع ما ذكر من أن تخبره زوجته عن أسرارها وأسرار الناس حتى ولو كانوا أبناءه، مما لا يحبون أن يعلمه أحد، والمعتمد من مذاهب الأئمة الأربعة “أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد” أن الطلاق المعلق وقوعه معلق على حصول الشيء الذي علق به فإذا حصل المعلق به وقع الطلاق وإذا لم يحصل لم يقع .
ولكن ذهب بعض المتأخرين من الفقهاء مثل ابن تيمية وابن قيم الجوزية إلى أن مثل هذا الطلاق إن قصد به التهديد لا يعتبر طلاقًا شرعيًا وبناء على هذا لا يقع طلاق إذا أخفت عن زوجها ما طلب من أسرار .
وهذا الرأي وإن كان مأخذه ضعيفًا إلا أنه قد أفتي به واعتمده كثير من المعاصرين وعليه العلم في قوانين الأحوال الشخصية في مصر .
كما أنه إذا علم من حال الحالف أيضًا أنه لا يعرف الظهار ولا يقصده ، من ذكر الطلاق قبل تشبيه زوجته بأمه أو أخته أو جميع المحارم ، وأنه قصد تأكيد الطلاق بهذه الأشياء التي يذكرها بعد ذكره لكلمة الطلاق .
وإذا كانت نية الحالف غير موجهة إلى حل عقدة النكاح ولكن إلى منع الزوجة عن إخفاء أسرار من ذكر من الناس عنه فإنه لم تتوفر العزيمة المشروطة بقوله تعالى: ( وإن عزموا الطلاق ) وعليه فإن الطلاق حينئذ لم يقع شرعًا ولا قانونًا .
كما لا يفيد ما ذكر من ألفاظ التشبيه ظهارًا، وأما عن زعمه الحق في أن تخبره زوجته بأسرار الآخرين فليس له ذلك ولا له أن يطلبوا من أحد ولا على زوجته أن تجيبه إلى طلبه حيث هو المطلوب من الزوجة ألا تفصح لزوجها عن أسرارها التي لا تحب أن يطلع عليها الناس والتي تتأثر بها الحياة الزوجية، والأسرية فكيف يجوز لها أن تنقل له أسرار الآخرين؟
ما هو الواجب في العلاقة بين الزوجين
على الأزواج أن يتقوا الله في حقوق زوجاتهم وأهمها حقهن في الاحتفاظ بأسرارهن الخاصة في الماضي والحاضر لديهن، وعلاقاتهن مع أبنائهن وأهليهن .
وعلى الزوجات أن يحتفظن بأزواجهن بعيدًا عن جحيم الشكوك فيهن وفي أولادهن، وليعلم الجميع قول رسول الله ـ ﷺ ـ ” يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه: لا تتبعوا عورات المسلمين ، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف رحله، أو قال في داخل بيته” .