إن الدين الإسلامي دينٌ يؤكد على احترام النفس الإنسانية وتكريمها ، قال تعالى :” ولقد كرمنا بني آدم ” ومن تكريم هذه النفس تحريم الاعتداء عليها إلا بالحق ، يقول تعالى : “أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا”.
والمسلم دائما نفَّاع للمجتمع ، دائم الصدقة على من كان مسلما أو ليس بمسلم لأن ديننا دين التسامح والرحمة ، ومن هنا جوَّز علماء الإسلام التبرع بالدم للمسلمين و لغير المسلمين .
وقد أجاز المجمع الفقهي الإسلامي في مكّة المكرّمة في دورته الثامنة المنعقدة بين 19 – 28 يناير 1985 (أخذ عضو من جسم إنسان حي، وزرعه في جسم إنسان آخر مضطرّ إليه، لإنقاذ حياته أو لاستعادة وظيفة من وظائف أعضائه الأساسية). أهـ
ولكن يشترط في غير المسلم ألا يكون محاربا للإسلام وأهله ، فإن كان غير محارب فلا بأس من التبرع إليه ، أما الكافر المحارب فإذا أُسِر جريحا في أيدي المسلمين فإن أخلاق الإسلام تحتم علينا القيام بمعالجته ؛ لأن هذا من أخلاق الإسلام النبيلة ، أما المحارب إذا جرح في أرض المعركة وكان يعالج ليعود لحرب المسلمين مرة أخرى فإنه يحرم التبرع له لأن في التبرع له تقوية له على حربه للمسلمين ونصرة له ، والواجب على المسلم أن يقوي إخوانه المسلمين على أعدائهم وأن ينصرهم عليه ، وليس العكس .
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
” لا أعلم مانعاً من ذلك [أي من التبرع]، لأن الله تعالى يقول في كتابه العظيم : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) الممتحنة /8
فأخبر الله سبحانه أنه لا ينهانا عن الكفار الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا أن نبرَّهم ونُحسن إليهم ، والمضطر في حاجة شديدة إلى الإسعاف .
وقد جاءت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها إلى بنتها وهي كافرة ، في المدينة في وقت الهدنة بين النبي ﷺ وأهل مكة ـ تسألها الصلة ، فاستفتت أسماء النبي ﷺ في ذلك فأفتاها أن تصِلها ، وقال : ( صلي أمك وهي كافرة ). فإذا اضطر المعاهد أو الكافر المستأمن الذي ليس بيننا وبينه حرب ، إذا اضطر إلى ذلك فلا بأس بالصدقة عليه من الدم ، كما لو اضطر إلى الميتة ، وأنت مأجور في ذلك ، لأنه لا حرج عليك أن تسعف من اضطر إلى الصدقة .”