لا يجوز للإنسان إذا استفتى عالماً واثقًا بقوله أن يستفتي غيره؛ لأن هذا يؤدي إلى التلاعب بدين الله وتتبع الرخص، بحيث يسأل فلانًا، فإن لم يناسبه سأل الثاني، وإن لم يناسبه سأل الثالث وهكذا.
وقد قال العلماء: (من تتبع الرخص فسق)، لكن أحيانًا يكون الإنسان ليس عنده من العلماء إلا فلان مثلاً، فيسأله من باب الضرورة، وفي نيته أنه إذا التقى بعالم أوثق منه في علمه ودينه سأله، فهذا لا بأس به، أن يسأل الأول للضرورة، ثم إذا وجد من هو أفضل سأله.
وإذا اختلفت العلماء عليه في الفتيا أو فيما يسمع من مواعظهم ونصائحهم مثلاً، فإنه يتبع من يراه إلى الحق أقرب في علمه ودينه، فإن تساوى عنده الرجلان في العلم والدين، فقال بعض العلماء: يتبع الأحوط وهو الأشد.
وقيل يتبع الأيسر، وهذا هو الصحيح،أنه إذا تعادلت الفتيا، فإنه يتبع الأيسر؛ لأن دين الله- عز وجل- مبني على اليسر والسهولة، لا على الشدة والحرج.
وكما قالت عائشة- رضي الله عنها-: “ما خير رسول الله – ﷺ – بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثًما [1]. ولأن الأصل البراءة وعدم التأثيم، والقول بالأشد يستلزم شغل الذمة والتأثيم.[2]
[1]-رواه البخاري/كتاب المناقب/باب صفة النبي – ﷺ – ، برقم (3560) ، ومسلم/كتاب الفضائل/باب مباعدته – ﷺ – للآثام واختياره من المباح أسهله، برقم (2327) .
[2] – مجموع فتاوى ورسائل العثيمين – (26 / 390)الناشر : دار الوطن – دار الثريا-الطبعة : الأخيرة – 1413 هـ