المقصود بحسنة الدنيا هي كل خير يسعد الإنسان ومن ذلك الزوجة الصالحة والدار الواسعة والرزق الوفير وغير ذلك.
أما حسنة الآخرة فهي النجاة من عذاب الله ،والفوز بالجنة والنعيم .
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله بتصرف في تفسير قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ):

” جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا وصرفت كل شر فإن كل الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هين وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين ولا منافاة بينها فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا .

وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة . وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام . وقال القاسم أبو عبد الرحمن : من أعطي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وجسدا صابرا فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقي عذاب النار .
ولهذا وردت السنة بالترغيب في هذا الدعاء . فقد أخرج البخاري عن أنس بن مالك قال : كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول ” اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” وأخرج أحمد ومسلم أن قتادة سأل أنسا أي دعوة كان أكثر ما يدعوها النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول ” اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه .

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد السلام بن شداد يعني أبا طالوت قال : كنت عند أنس بن مالك فقال له ثابت إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم فقال : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتحدثوا ساعة حتى إذا أرادوا القيام قال أبا حمزة : إن إخوانك يريدون القيام فادع الله لهم فقال : أتريدون أن أشقق لكم الأمور إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله.
وأخرج أحمد أيضا عن أنس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” هل تدعو الله بشيء أو تسأله إياه” قال نعم : كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا . فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” سبحان الله لا تطيقه أو لا تستطيعه فهلا قلت ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ” قال فدعا الله فشفاه .انفرد بإخراجه مسلم فرواه من حديث ابن أبي عدي به .