جاء في الحديث الصحيح : ” إن الرجل إذا مات بغير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة “
حسنه الشيخ الألباني، وأما معناه فقد جاء في حاشية السندي :-
“إلى منقطع أثره” أي إلى موضع قطع أجله، فالمراد بالأثر الأجل؛ لأنه يتبع العمر، ذكره الطيبي قلت: ويحتمل: أن المراد إلى منتهى سفره ومشيه.
وظاهره أنه يعطى له في الجنة هذا القدر لأجل موته غريباً، وقيل: المراد أنه يفسح له في قبره بهذا القدر ودلالة اللفظ على هذا المعنى خفية .
والحديث اختلف أهل العلم في صحته لأمرين :
الأول : الخلاف في حُيي بن عبد الله المعافري .
الثاني : مخالفة ظاهر الحديث ، لما ورد من الترغيب في الموت في المدينة .
فقد روى الترمذي في “سننه”، من حديث ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ بِهَا، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا .
وهو حديث صحيح ، صححه عبد الحق الإشبيلي في “الأحكام الوسطى” ، والشيخ الألباني في “صحيح الترمذي.
فمن رأى أن حيي بن عبد الله ضعيف الحديث، مع المخالفة: حكم على الحديث بأنه لا يصح .
قال النسائي :” حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ: لَيْسَ مِمَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنَ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا انتهى .
وأما من حكم للحديث بالقبول ، فعنده أن حيي بن عبد الله المعافري : فيه مقال يسير ، وحديث في رتبة الحسن .
وقال الإمام أبو الحسن السندي رحمه الله :
“قوله: ( يا ليته مات في غير مولده ): لعله ﷺ لم يرد بذلك: يا ليته مات بغير المدينة ، بل أراد: يا ليته كان غريبا ، مهاجرا إلى المدينة ، ومات بها . فإن الموت في غير مولده – فيمن مات بالمدينة – : كما يُتصور بأن يولد في المدينة ، ويموت في غيرها ، كذلك يتصور بأن يولد في غير المدينة ، ويموت بها ؛ فليكن التمين راجعا إلى هذا الشق ، حتى لا يخالف الحديثُ حديثَ فضل الموت بالمدينة المنورة”. انتهى، من “حاشية السندي على مسند أحمد.