الجمع في السفر رخصة مناسبة له لما في السفر من التعب والمشقة، ومن سافر فنوى أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تأخير، ووصل إلى بلده بعد أذان العصر فله أن يصلي الظهر والعصر كما كان قد نوى، فهذا جائز شرعا، ولا إثم عليه.
هل يجوز جمع التأخير بعد العودة من السفر:
يقول الدكتور حسام الدين عفانه أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:-
من المعلوم عند أهل العلم أن من أصول الإسلام وقواعده رفع الحرج ودفع المشقات ، وقد دلت على ذلك نصوص القرآن والسنة، ويدخل في هذا الأصل الترخص بالجمع تقديماً وتأخيراً فقد صح في الحديث عن أنس أن رسول الله ﷺ كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما . رواه البخاري ومسلم .
إذا تقرر هذا فإنه يشترط لصحة جمع التأخير نية الجمع وهذا باتفاق العلماء ، ويشترط أيضاً دوام السفر إلى دخول وقت الصلاة الثانية على الراجح من أقوال أهل العلم.
فإذا أقام المسافر بعد دخول وقت الصلاة الثانية – أي انتهى سفره – فيجوز له جمع التأخير .
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي : فأما إن جمع بينهما في وقت الثانية اعتبر بقاء العذر إلى حين دخول وقتها … وإن استمر إلى حين دخول وقت الثانية جمع وإن زال العذر لأنهما صارتا واجبتين في ذمته ولا بد له من فعلهما ].انتهى.
شروط جمع التأخير:
قال البهوتي في كشاف القناع في الفقه الحنبلي:-
وإن جمع جمع تأخير في وقت الثانية اشترط له شرطان:
أحدهما : نية الجمع في وقت الأولى ؛لأنه متى أخرها عن وقتها بلا نية صارت قضاء لا جمعا ما لم يضق وقت الأولى عن فعلها , فإن ضاق وقت الأولى عن فعلها لم يصح الجمع ؛لأن تأخيرها إلى القدر الذي يضيق عن فعلها حرام ويأثم بالتأخير .
الشرط الثاني : استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية منهما لأن المجوز للجمع العذر . فإذا لم يستمر وجب أن لا يجوز لزوال المقتضي , كالمريض يبرأ , والمسافر يقدم , والمطر ينقطع ،ولا أثر لزواله بعد ذلك أي بعد دخول وقت الثانية لأنهما صارتا واجبتين في ذمته , فلا بد له من فعلهما . انتهى.
وخلاصة الأمر أنه لا أثر لزوال العذر بعد دخول وقت الصلاة الثانية ، فيجوز لهذا المسافر أن يجمع وهذا هو المناسب لرخصة الجمع بين الصلاتين للسفر ولكن ينبغي التنبيه إلى أن هذا المسافر لا يجوز له أن يقصر ما دام قد وصل إلى محل إقامته .