حدثنا القعنبي ؛ حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد عن عبد الرحمن بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن ماهك عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة ( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد )
الهزل أن يراد بالشيء غير ما وضع له بغير مناسبة بينهما , والجد ما يراد به ما وضع له أو ما صلح له اللفظ مجازا
( النكاح والطلاق والرجعة )
بكسر الراء وفتحها ففي القاموس بالكسر والفتح عود المطلق إلى طليقته . وفي المشارق للقاضي عياض ورجعة المطلقة فيها الوجهان والكسر أكثر , وأنكر ابن مكي الكسر ولم يصب .
قال الخطابي : اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به ولا ينفعه أن يقول كنت لاعبا أو هازلا أو لم أنوه طلاقا أو ما أشبه ذلك من الأمور . واحتج بعض العلماء في ذلك بقول الله سبحانه وتعالى { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } وقال : لو أطلق للناس ذلك لتعطلت الأحكام ولم يؤمن مطلق أو ناكح أو معتق أن يقول كنت في قولي هازلا فيكون في ذلك إبطال حكم الله تعالى , وذلك غير جائز , فكل من تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث لزمه حكمه ولم يقبل منه أن المدعى خلافه , وذلك تأكيد لأمر الفروج واحتياط له والله أعلم انتهى .
قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه . وقال الترمذي : حديث حسن غريب . هذا آخر كلامه .
وقال أبو بكر المعافري : روي فيه والعتق ولم يصح شيء منه , فإن كان أراد ليس منه شيء على شرط الصحيح فلا كلام , وإن أراد أنه ضعيف ففيه نظر فإنه يحسن كما قال الترمذي .
تعليقات الحافظ ابن قيم الجوزية
قال الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله :
وقد احتج به من يرى طلاق المكره لازما قال : لأنه أكثر ما فيه أنه لم يقصده , والقصد لا يعتبر في الصريح , بدليل وقوعه من الهازل واللاعب وهذا قياس فاسد فإن المكره غير قاصد للقول , ولا لموجبه , وإنما حمل عليه وأكره على التكلم به , ولم يكره على القصد . وأما الهازل فإنه تكلم باللفظ اختيارا وقصد به غير موجبه , وهذا ليس إليه , بل إلى الشارع , فهو أراد اللفظ الذي إليه , وأراد أن لا يكون موجبه , وليس إليه , فإن من باشر سبب الحكم باختياره لزمه مسببه ومقتضاه , وإن لم يرده . وأما المكره فإنه لم يرد لا هذا ولا هذا , فقياسه على الهازل غير صحيح .