قد روى ابن ماجة في سننه بإسناد صحيح عَن عائشة؛ قالت: لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النَّبِي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ غير نسائه. و هذا الحديث دليل على جواز تغسيل أحد الزوجين للآخر، وقد انعقد إجماع الأمة على جواز تغسيل أحد الزوجين للآخر عند موته ، قال ابن المنذر: أجمع أهلُ العلْم على أن المرأة تُغسل زوجَها إذا مات ، وهكذا صنع الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى هذا أهل العلم.
يقول فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق:
قال ابن المنذر: أجمع أهلُ العلْم على أن المرأة تُغسل زوجَها إذا مات، فقد جاء في كتاب “بدائع الصنائع” للإمام علاء الدين أبي بكر الحنفيِّ قوله: أما المرأة فتُغسِّل زوجَها لمَا رُوي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: لو استقبلنا من الأمر ما استدبرْنا لمَا غسَّل رسولَ الله ـ ﷺ ـ إلا نساؤه. ومعنى ذلك أنها لم تكن عالِمةً وقت وفاة رسول الله ـ ﷺ ـ بإباحة غُسل المرأة لزَوجها، ثم علمَتْ بعد ذلك. وأيضًا جاء في كتاب “مواهب الجليل” للمالكيَّة قوله: وللمرأة إذا غسَّلتْ زوجَها أن تُجفِّفه وتُكفِّنَه ولا تُحنِّطَه؛ لأنها حادٌّ.
وجاء في كتاب “الشرح الكبير” لأبي البركات أحمد الدرديريِّ المالكيِّ قوله: وقُدم على العصبة الزوجانِ، أي الحيّ منهما، في تغسيل الميت منهما ولو أوصَى بخِلافه.
كما جاء في كتاب “الأم” للإمام الشافعيِّ قوله: ويُغسِّل الرجلُ امرأتَه إذا ماتتْ، والمرأةُ زوجَها إذا مات؛ لأنها في عدَّةٍ منه.
وأيضًا جاء في كتاب “زاد المُحتاج بشرح المنهاج” للعلامة الشيخ/ عبد الله بن الشيخ حسن الحسن الشافعيّ قوله: ويُغسِّل الرجلُ الرجلَ والمرأةُ المرأةَ ويُغسل أمَتَه وزوجتَه، وهي زَوجَها.
وجاء في كتاب “المغني” لابن قُدامة قوله: أوصَى أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أن تُغسِّله امرأتُه أسماء بنت عميس، وكانت صائمةً، فعزم عليها أن تُفطر، فلمَّا فرَغت من غُسْله ذكرتْ يمينَه فقالت: لا أُتبعه اليوم حِنْثًا. فدعتْ بماء فشربت.
وغسَّل أبا موسى امرأتَه أمَّ عبد الله، وأوصى جابر بن زيد أن تُغسله امرأتُه. قال أحمد: ليس فيه خلاف بين الناس.
وقد وَرَدَ في كتاب “الفتاوى الإسلامية” الصادر عن دار الإفتاء ما نصُّه: اتَّفقَ الفقهاء على جواز غُسل المرأة زوجَها لمَا رُوي عن عائشة سابقًا.
وعلى ذلك فإن دار الإفتاء ترى أنه لا مانع شرعًا مِن تغسيل المرأة زوجَها لاتفاق الفقهاء على ذلك.