يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
اختلف العلماء في ذلك :
1 – فقيل بعدم كراهة صيام أعيادهم لأجل مخالفتهم وهذا ضعيف.
2 – والصواب عدم جواز تخصيص أعيادهم بالصيام لأن أعيادهم موضع تعظيمهم فتخصيصها بالصيام دون غيرها موافقة لهم في تعظيمها .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : ” وقال أصحابنا : ويكره إفراد يوم النيروز ويوم المهرجان بالصوم ; لأنهما يومان يعظمهما الكفار فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقة لهم في تعظيمهما فكره كيوم السبت وعلى قياس هذا كل عيد للكفار أو يوم يفردونه بالتعظيم ” (المغني 4/924، وانظر الاقتضاء 2/975).
” وهذا الحكم فيما إذا قصد تخصيصه بالصوم لأنه عيدهم . أما لو وافق نذرا أو صيام تطوع أو نحوه من دون قصد موافقة عيدهم فلا بأس به ” انظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع (3/064).
وضابط مخالفتهم في أعيادهم : أن لا يحد ث فيها أمرا أصلا، بل يجعل أيام أعيادهم كسائر الأيام (انظر: الاقتضاء 2/815). فلا يعطل فيها عن العمل ولا يفرح بها ولا يخصها بصيام أو حزن أو غير ذلك.
وذكر شيخ الإسلام ما يمكن أن يضبط به التشبه فقال رحمه الله تعالى : ” والتشبه : يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير ، فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبها نظر لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ولما فيه من المخالفة “الاقتضاء (1/242).
وبناءا على ما ذكره شيخ الإسلام فإن موافقتهم فيما يفعلون على قسمين :
1 – تشبه بهم وهو ما كان للمتشبه فيه قصد التشبه لأي غرض كان وهو المحرم .
2 – مشابهة لهم وهي ما تكون بلا قصد لكن يبين لصاحبها وينكر عليه فإن انتهى وإلا وقع في التشبه المحرم قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : رأى رسول الله ﷺ علي ثوبين معصفرين فقال : ” إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ” وفي رواية فقال : ” أأمك أمرتك بهذا ؟ ” قلت : أغسلهما ؟ قال : ” بل احرقهما ” (أخرج الروايتين مسلم في اللباس والزينة 7702) .
قال القرطبي : ” يدل على أن علة النهي عن لبسهما التشبه بالكفار ” (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم 5/993).
فظاهر الحديث أن عبد الله رضي الله عنه لم يعلم بأنه يشبه لباس الكفار, ومع ذلك أنكر عليه النبي ﷺ وبين له الحكم الشرعي في ذلك .
هذا إذا كان أصل الشيء من الكفار أما إذا لم يعلم أنه من أصلهم بل يفعلونه ويفعله غيرهم فكأنه لا يكون تشبها ; لكن يرى شيخ الإسلام ابن تيمية النهي عنه سدا للذريعة وحماية للمسلم من الوقوع في التشبه, ولما فيه من قصد مخالفتهم .