ذكر هذا العدد من باب المبالغة في عدم قبول الاستغفار للمنافقين، جريا على عادة العرب في أساليبهم على استعمال هذا العدد للتكثير لا للتحديد، بدليل نزول ما يفيد عدم قبول الاستغفار لهم بعد هذه الآية؛ بدون تحديد عدد.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر:
قد جاءت هذه الآية الكريمة في سورة التوبة بعد أن ذكر الله أوصاف المنافقين، وفضح أقوالهم وأفعالهم حتى سميت سورة التوبة بالفاضحة، وقد ذكر الله من مساوئهم أنهم كانوا يتربصون بالمؤمنين الدوائر، ويحلفون أنهم من المؤمنين، وليسوا منهم في شيء، وأنهم كانوا يستخفون من الناس في كيدهم للمؤمنين، ولا يستخفون من الله وهو معهم، وأنهم كانوا يؤذون النبي، ويرمونه بأخس الصفات، ويعاهدون الله بفعل الخير، وينقضون العهد، ويبخلون بما آتاهم الله من فضله، وإذا تصدق أحد المسلمين بالقليل الذي لا يملك سواه أطلقوا ألسنتهم باللمز والسخرية والاستهزاء.
كل ذلك وغيره كثير من الصفات الرديئة للمنافقين، إضافة إلى كفرهم بالله ورسوله (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون).
ومع ذلك كان رسول الله ـ ﷺ ـ حريصًا على هدايتهم، ويستغفر لهم، إلى أن نهاه الله ـ تعالى ـ عن الاستغفار لهم، وأخبره أن الله لن يغفر لهم، فقال له: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم).
والمقصود بذكر السبعين إرادة التكثير والمبالغة في كثرة الاستغفار، فقد جرت عادة العرب في أساليبهم على استعمال هذا العدد للتكثير لا للتحديد، ولقطع الطمع في نوال المطلوب مهما كثر الإلحاح عليه.
ورُوي عن ابن عباس أن رسول الله ـ ﷺ ـ لما نزلت هذه الآية قال: “أسمع ربي قد رخّص لي فيهم، فوالله لأستغفرن لهم أكثر من سبعين مرة، لعل الله أن يغفر لهم”. فقال الله من شدة غضبه عليهم (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم”.
وذكر الله سبب عدم المغفرة لهم في قوله (ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين).