أولا:- الصلاة في أول الوقت ليست شرطا، ولا أمر واجبا، فمن صلى في وقت الصلاة فلا إثم عليه، والصبح وقته حتى تطلع الشمس ، والظهر وقته حتى العصر ، والمغرب حتى العشاء ، والعشاء حتى نصف الليل على الصحيح من أقوال أهل العلم .

وأما صلاة العصر فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي قال: “وقت الظهر مالم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس…” الحديث.
فقد جعل النبي انتهاء وقت الاختيار لصلاة العصر اصفرار الشمس، فما دامت الشمس بيضاء نقية فالوقت باقٍ، فإذا اصفرت الشمس فقد انتهى وقت الاختيار، ولا يجوز تأخير العصر إلى تلك الساعة إلا لضرورة، ووقت الضرورة ينتهي بغروب الشمس.

وعلى هذا فطالما أن المسلم لا يخرج الصلاة عن وقتها فلا يأثم ، وأما تأخيره الصلاة عن وقتها فإنه يأثم بذلك .

وقد ورد في صحيح مسلم حديث شديد في الزجر عن تأخير صلاة العصر خاصة، وهو قوله : ” تلك صلاة المنافق؛ يجلس يرقب الشمس ؛ حتى إذا كانت بين قرني الشيطان ؛ قام فنقرها أربعا ؛ لا يذكر الله فيها إلا قليلا” .

و الأفضل المبادرة إلى الصلاة في أول كل وقت، وحينما يؤذن للصلاة يدخل وقت الفضيلة، ومعنى وقت الفضيلة أن الأفضل إيقاع الصلاة في هذه المدة، وقد اختلف في تقدير هذه المدة لكل صلاة وهذا بيانها:-

قال الإمام النووي الشافعي:-

فيما يحصل به فضيلة أول الوقت في جميع الصلوات ثلاثة أوجه :

الوجه الأول:– أصحها أنه يحصل بأن يشغل أول دخول الوقت بأسباب الصلاة كالأذان والإقامة وستر العورة وغيرها , ولا يضر الشغل الخفيف كأكل لقم وكلام قصير , ولا يكلف العجلة على خلاف العادة .

والوجه الثاني :– يبقى وقت الفضيلة إلى نصف الوقت وادعى صاحب البيان أنه المشهور , وكذا أطلقه جماعة . وقال آخرون : إلى نصف وقت الاختيار .

والثالث :- لا تحصل فضيلة أول الوقت حتى يقدم قبل الوقت ما يمكن تقديمه من الأسباب لتنطبق الصلاة على أول الوقت . وعلى هذا قيل : لا ينال المتيمم فضيلة أول الوقت , وهذا الوجه الثالث غلط صريح فإنه مخالف للسنة المستفيضة عن فعل رسول الله وعن أصحابه فمن بعدهم من التابعين وسائر أئمة المسلمين .انتهى.

ويقول الشيخ العلامة ابن العثيمين مبينا أن الإسراع بالصلاة أفضل من تأخيرها ومبينا أسباب ذلك:-

لأن النبي حَثَّ على البَدَاءة بالصَّلاة من حين الوقت؛ فسأله ابن مسعود: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال النبي : «الصَّلاةُ على وقتها»، أي: من حين دخول وقتها. وقد قال بعض العلماء: إن معنى قوله: «على وقتها»، أي: وقتها المطلوب فعلها فيه شرعاً، سواء كان ذلك في أول الوقت أم آخره. وهذا حقٌ، لكن الأفضل التقديم؛ حتى يقوم دليلٌ على رُجحان التَّأخير.

ولأن هذا أسرع في إبراء الذِّمة؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، فقد يكون في أوَّل الوقت نشيطاً قادراً تَسْهُلُ عليه العِبادة، ثم يمرض، وتصعب عليه الصَّلاة، وربما يموت، فالتَّقديم أسرع في إبراء الذِّمة، وما كان أسرع في إبراء الذِّمة فهو أولى.