دخول الجنّة أو النار رهنٌ بالإيمان والعمل ومشيئة الله تعالى، وليس للقبر من حيث إنّه مادة دخل في هذا الموضوع، ومع ذلك استحسن العلماء ألا يكونَ فيه شئ دَخل النار، كالآجر وهو الطُّوب المحروق.
جاء في تفسير القرطبي ” ج10 ص 381 ” قوله : ويُكره الآجر في اللّحد، وقال الشافعي: لا بأس به لأنّه نوع من الحَجَر، كرّهه أبو حنيفة وأصحابه؛ لأنّ الآجر لإحكام البناء، والقبر وما فيه للبِلى، فلا يَليق به الإحكام، وعلى هذا يسوَّى بين الحَجر والآجر، وقيل : إن الآجر أثر النار فيُكره تفاؤلاً، فعلى هذا يفرّق بين الحجر والآجر.
هذا، وقد روى مسلم وغيره عن جابر ـ رضِيَ الله عنه ـ أن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ نهى أن تُجَصَّص القبور. وفي لفظ النسائي: أن يُبْنى على القبر أو يُزاد عليه أو يُجَصّص . والتّجصيص معناه الطلاء بالجصِّ وهو الجِير المعروف. والجمهور حملوا النّهي على الكراهة، وحمله ابن حزم على التحريم، والحكمة ما تقدّم ذكره من أن القبر للبِلى لا للبقاء أو التفاؤل، فلا يدخله عند التّجصيص شيء أُحرِق بالنّار، ويؤيِّده ما جاء عن زيد بن أرقم أنّه قال لمَن أرادَ أن يَبْنيَ قَبْرَ ابنِه ويجصِّصه: جَفَوْتَ ولَغَوْتَ، لا يَقْرَبُه شئ مَسّته النار.
وكما كرهوا تجصيصَه بالجير كرهوا بناءه بالطوب الأحمر المُحرق بالنار، وذلك إذا لم تكن الأرض رخوة أو نديّة فإن كانت كذلك فلا كَراهة.