الولد يتبع خير الأبوين دينًا ، فمن كان أبوه مسلما وأمه كتابية فهو مسلم ، ومن أجل الحفاظ على دين الأبناء وضع الإسلام ضوابط للتزوج بالكتابية ، بحيث يأمن عليهم منها ، فإن خيف على الأولاد وعقيدتهم وأخلاقهم منها فلا يجوز للمسلم أن يقدم على التزوج بها.
وإن كان متزوجا منها وخاف على نفسه أو أولاده منها الفتنة في الدين وجب عليه طلاقها والبعد عنها .
ومع أن زواج المسلم من المرأة الكتابية مُباح وحلال؛ فإن هذا الزواج مكروه، لأن اختلاف الدِّينِ يؤدي في كثير من الأحيان إلى الخلاف والجدال والشقاق، وقد تؤثر الزوجة الكتابية في زوجها بجمالها أو احتيالها، فيترك دينه، ويدخل في دينها مرتدًّا والعياذ بالله، أو يهادن أهل دينها، وفي ذلك من الضرر ما فيه، وكذلك قد تؤثر الزوجة غير المسلمة في أولادها، فَيَميلون إلى دينها، وذلك شرٌّ مستطير.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي :
من المقرر فقها أن الولد إذا اختلف دين أبويه، يتبع خير الأبوين دينا .
والزواج من الكتابية يجوز بشروط :
الأول: أن يستوثق من كتابيتها فقد تكون مسيحية اسمًا؛ ولكنها ملحدة حقيقة أو بهائية أو نحو ذلك.
الثاني: أن تكون محصنة أي عفيفة لا تبيع جسدها لمن يريد، أو على الأقل تكون تائبة مما وقعت فيه من أخطاء.
الثالث: ألا تكون من قوم معادين للمسلمين.
الرابع: ألا يكون في ذلك مضرة على الزوج أو على أولاده منها أو على بنات المسلمين كأن تكون الجالية الإسلامية محدودة العدد فإذا تزوج غير مسلمة كسدت سوق مسلمة مقابلها.
بهذه الشروط الأربعة يجوز التزوج من الكتابيات. ( انتهى).
ويقول الدكتور عبد الفتاح عاشور ، الأستاذ بجامعة الأزهر :
أباح الله سبحانه وتعالى الزواج من الكتابيات (اليهوديات والنصرانيات)، والدليل على هذا قول الله سبحانه وتعالى: “وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم”، والمقصود بالمحصنة هي المرأة العفيفة، فالزواج من المرأة الكتابية إذا كانت عفيفة، ليست لها تجارب سابقة على الزواج ،أي لا ترتكب الفاحشة ، فإن هذا أمر مشروع، كما قال الحق سبحانه وتعالى.
وقد تزوج رسول الله ﷺ من امرأة يهودية، ومن امرأة نصرانية، فأما اليهودية فهي: صفية بنت حيي بن أخطب، وأما النصرانية فهي: مارية القبطية، وكذلك فعل أصحاب رسول الله ﷺ وقت أن كانت الكتابيات عفيفات، لا خطورة منهن على المجتمع المسلم، ولا على الذرية.
أما الآن فإن الزواج من الكتابية (اليهودية والنصرانية) فيه محاذير إسلامية، سواء فيما يتعلق بالتربية أو بالسلوك أو نحو هذا. (انتهى).
وجاء في كتاب ” رد المحتار على الدر المختار” لابن عابدين الحنفي :
الولد يتبع خير الأبوين دينا ، وهذا يتصور من الطرفين في الإسلام العارض ، بأن كانا كافرين فأسلم أو أسلمت ثم جاءت بولد قبل العرض على الآخر ، والتفريق أو بعده في مدة يثبت النسب في مثلها أو كان بينهما ولد صغير قبل إسلام أحدهما فإنه بإسلام أحدهما يصير الولد مسلما . وأما في الإسلام الأصلي فلا يتصور إلا أن تكون الأم كتابية والأب مسلما فتح ونهر .
ويشعر التعبير بالأبوين إخراج ولد الزنا . ورأيت في بعض الفتاوى الشهاب : مسلم زنى بنصرانية فأتت بولد فهل يكون مسلما ؟ أجاب بعض الشافعية بعدمه وبعضهم بإسلامه . وأفتى قاضي القضاة الحنبلي بإسلامه أيضا .
ويظهر لي الحكم بالإسلام للحديث الصحيح { كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه } فإنهم قالوا إنه جعل اتفاقهما ناقلا له عن الفطرة ، فإذا لم يتفقا بقي على أصل الفطرة أو على ما هو أقرب إليها ، حتى لو كان أحدهما مجوسيا والآخر كتابيا فهو كتابي ، وهنا ليس له أبوان متفقان فيبقى على الفطرة ولأنهم قالوا إن إلحاقه بالمسلم أو بالكتابي أنفع له ، وذكر البعض أن الصغير تبع لأبويه أو أحدهما في الدين فإن انعدما فلذي اليد فإن عدمت فللدار ويستوي فيما قلنا أن يكون عاقلا أو غير عاقل لأنه قبل البلوغ تبع لأبويه في الدين ما لم يصف الإسلام.(انتهى مختصرا)