اليمين هي الحلف بالله تعالى دون غيره ، يقسم الحالف بالله تعالى أو بأي اسم من أسمائه كالرحيم أو الحكيم أو العظيم .. أو بصفة من صفات ذاته كالحكمة أو العلم أو الرحمة …أنه فعل كذا أو لم يفعل كذا ، أو أنه ليس مدينا لفلان أو ……. .
وقد روى الإمام مسلم أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “لو يُعطى الناس بدعواهم لادَّعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المُدَّعَي عليه”، وروى البيهقي والطبراني بإسناد صحيح أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “البينة على من ادَّعى واليمين على مَن أنكر.
فليس كل من يدعي على غيره أمرا يصدق في دعواه ، ولكن على المسلم أن يأتي بالدليل على ما يدعيه ، فلا بد من الدليل .
وإن لم يوجد دليل فله أن يطلب اليمين ، أي أن يحلف الآخر بالله تعالى أنه لم يعمل ما قاله من ادعى عليه. فإن حلف فلا سبيل له عليه .
أما إذا رفض أن يحلف فقد اختلف الفقهاء في كون النكول (الامتناع ) عن اليمين من المدعى عليه دليلا يحكم به عليه بما يدعيه غيره :
فقال الجمهور : لا يكون النكول دليلا ، ولكن يطلب القاضي من المدعي الحلف ، فإن حلف قضى له ، لأن امتناع المدعى عليه بمنزلة الشاهد ، وهم يجيزون الحكم بالشاهد مع اليمين .
وقال الحنفية : يحكم القاضي للمدعي إذا امتنع المدعى عليه عن اليمين.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
النكول لغة : الامتناع . يقال نكل عن اليمين أي امتنع عنها . وهو كذلك في الاصطلاح إذا كان في مجلس القضاء
والنكول عند المالكية والشافعية وفي أحد رأيين عند الحنابلة لا يكون حجة يقضى بها على المدعى عليه . بل إذا نكل في دعوى المال أو ما يئول إليه ردت اليمين على المدعي بطلب المدعى عليه , فإن حلف المدعي قضي له بما طلب وإن نكل المدعي رفضت دعواه . فقد أقاموا نكول المدعى عليه مقام الشاهد , إذ عندهم أنه يقضى للمدعي بحقه إذا أقام شاهدا وحلف , فكذلك يقضى له بنكول المدعى عليه وحلف المدعي . فالحق عندهم لا يثبت بسبب واحد , كما لا يثبت بشاهد واحد . فإن حلف استحق به وإلا فلا شيء له .
ومذهب الحنفية , وأحد قولين للإمام أحمد , أنه إذا كانت للمدعي بينة صحيحة قضي له بها . فإن لم تكن له بينة أصلا , أو كانت له بينة غير حاضرة , طلب يمين المدعى عليه , فإن حلف بعد عرض القاضي اليمين عليه رفضت دعوى المدعي , وإن نكل عن اليمين الموجهة إليه صراحة , كأن قال : لا أحلف , أو حكما كأن سكت بغير عذر ومن غير آفة ( كخرس وطرش ) يعتبر سكوته نكولا ويقضي عليه القاضي بنكوله إن كان المدعى مالا , أو المقصود منه المال , قضي عليه بنكوله , لكونه باذلا أو مقرا , إذ لولا ذلك لأقدم على اليمين ليدفع الضرر عن نفسه . ولا وجه لرد اليمين على المدعي لقوله ﷺ { ولكن اليمين على جانب المدعى عليه } وقوله { البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه}.
وإذا قال : لا أقر ولا أنكر لا يستحلف بل يحبس حتى يقر أو ينكر , وكذا لو لزم السكوت عند أبي يوسف . صاحب أبي حنيفة.
وقال المالكية : إذا سكت المدعى عليه أو قال : لا أخاصمه قال له القاضي : إما خاصمت وإما حلّفت هذا المدعي على دعواه وحكمت له . فإن تكلم وإلا يحكم عليه بنكوله بعد يمين المدعي . وقال محمد بن عبد الحكم , وهي رواية أشهب وجرى بها العمل : إن قال : لا أقر ولا أنكر لم يتركه حتى يقر أو ينكر . . فإن تمادى في امتناعه حكم عليه بغير يمين .
وذهب الشافعية إلى أنه إذا أصر المدعى عليه على السكوت عن جواب المدعي لغير دهشة أو غباوة جعل حكمه كمنكر للمدعى به ناكل عن اليمين , وحينئذ فترد اليمين على المدعي بعد أن يقول له القاضي : أجب عن دعواه وإلا جعلتك ناكلا , فإن كان سكوته لدهشة أو جهالة أو غباوة شرح له ثم حكم ; بعد ذلك عليه . وسكوت الأخرس عن الإشارة المفهمة للجواب كسكوت الناطق .
وعند الحنابلة في اعتبار سكوت المدعى عليه نكولا روايتان : الأولى : يحبسه الحاكم حتى يجيب , ولا يجعله بذلك ناكلا . والثانية : يقول له القاضي : احلف وإلا جعلتك ناكلا وقضيت عليك .