عاد قوم من العرب عرفوا بقوتهم ، وجبروتهم ، وحضارتهم ، ولكنهم أغضبوا الله تعالى بعصيانهم له، فأهلكهم الله تعالى بعذاب من عنده، ويطلق على “عاد” أيضا: “إرم” .

من هم قوم عاد وماذا فعل الله بهم:

يقول الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :

جاء في بعض التفاسير، عند تفسير قوله ـ تعالى ـ: (ألمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ. إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ. الَّتِي لمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ). “الفجر: 6 ـ8”.

أن عادًا جيلٌ من العرب العاربة أو البائدة، يقول النسَّابون: إنه مِن ولَدِ عوض بن إرم بن سام بن نوح ـ عليه السلام ـ وسواء صحَّ النسب أم لم يصح فقد كان ذلك الجيل معروفًا باسم عاد، ويُلقب أيضًا بإرم، وبقي مشهورًا عند العرب بذلك، ومعنى ذات العماد: سكان الخيام حِلاًّ وارْتحالاً، أو ذات العماد الرفيعة والقوة المنيعة. عبر بالعِماد عن العُلوِّ والشرف والقوة.

وكانت ديارهم بمنطقة الرمال والأحقاف – جهة حضرموت ـ وقد بلغت عادٌ من الشدة والقوة مبلغًا لم يصل إليه غيرها في عصرها، ولذلك قال القرآن الكريم: (الَّتِي لمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا في البِلادِ)، حتى إنهم اغتروا بقوتهم: (فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدِّ مِنَّا قُوَّةً ) “فصلت:15.

وقد بيَّن الله ـ تبارك وتعالى ـ كيف فعل بهم في سُوَرٍ أخرى من القران المجيد، فقال ـ مثلاً ـ في سورة الحاقة: (وأمَّا عادٌ فأُهلِكُوا برِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ. سَخَّرَها عليهمْ سَبْعَ ليالٍ وثَمانيةَ أيَّامٍ حُسُومًا). (الحاقة: 6 ـ 7) والصرصر: الريح الباردة، والعاتية الشديدة الهُبوب لا بركة فيها، والحُسوم: المتتابعات المَشئومة.

يقول الإمام محمد عبده: “وقد يَروي المفسرون هنا حكايات في تصوير ذات العماد كان يجب أن ينزه عنها كتاب الله، فإذا وقع إليك شيءٌ من كتبهم، ونظرتَ في هذا الموضع منها، فتخطَّ ببصَرِك ما تجده في وصف إرَم، وإيَّاك أن تنظر فيه.

وقد جاء في تفسير القرطبي من هذا القبيل ما يصعب تصديقه أو قبوله، فقد نقل أن الرجل من قوم إرم كان طوله خمسمائة ذراع، والقصير منهم طوله ثلثمائة ذراع، وهذا باطل لأنه جاء في الحديث الصحيح قوله: “إن الله خلق آدم طوله سُتُّون ذراعًا في الهواء. فلم يزلِ الخلْق يَنْقُصُ إلى الآن” .

وكان هؤلاء القوم أهل خيام وأعمدة، ينتجعون الغيث، ويطلبون الكلأ، ثم يرجعون إلى منازلهم الضخمة العظيمة.