ينبغي للمصلي أن يجتهد في تلاوة القرآن تلاوة صحيحة خالية من أي لحن، غير أن أوكد ذلك ما يكون في قراءة الفاتحة ، حيث إن اللحن الجلي فيها يبطل الصلاة، وأما اللحن الجلي في غيرها ، في القرآن أو في التشهد أو في غيره لا يبطل الصلاة ، ولكنه حرام إذا كان في القرآن، فليجتهد المسلم أن يصحح تلاوته في القرآن ، وأما في غير القرآن فالأمر فيه أهون .

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

ذهب الفقهاء إلى أنّ تعمد اللّحن في الصّلاة إن كان في الفاتحة يبطل الصّلاة واختلفوا فيه إذا لم يتعمّد , أو كان في غير الفاتحة :

قال الشّافعيّة والحنابلة : إن كان اللّحن لا يغيّر المعنى كرفع هاء الحمد للّه كانت إمامته مكروهةً كراهةً تنزيهيّةً وصحّت صلاته وصلاة من اقتدى به .

وإن غيّر المعنى كضمّ ” تاء ” أنعمت , وكسرها , وكقوله : اهدنا الصّراط المستقين بدل ” المستقيم ” .

فإن كان يمكن له التّعلم فهو مرتكب للحرام , ويلزمه المبادرة بالتّعلم , فإن قصّر , وضاق الوقت لزمه أن يصلّي , ويقضي , ولا يصح الاقتداء به , وإن لم يمكنه التّعلم لعجز في لسانه , أو لم تمض مدّة يمكن له التّعلم فيها فصلاته صحيحة , وكذا صلاة من خلفه , هذا إذا وقع اللّحن في الفاتحة , وإن لحن في غير الفاتحة كالسورة بعد الفاتحة صحّت صلاته , وصلاة كلّ أحدٍ صلّى خلفه , لأنّ ترك السورة لا يبطل الصّلاة فلا يمنع الاقتداء به .

وقال الحنفيّة : تفسد الصّلاة باللّحن الّذي يغيّر المعنى تغييراً يكون اعتقاده كفراً سواء وجد مثله في القرآن أم لا , إلا ما كان في تبديل الجمل مفصولاً بوقف تامٍّ , وإن لم يكن مثله في القرآن , والمعنى بعيد , ويتغيّر به المعنى تغييراً فاحشًا تفسد الصّلاة به أيضاً , كـ ” هذا الغبار ” بدل ” هذا الغراب ” وكذا إن لم يوجد مثله في القرآن , ولا معنى له مطلقاً , كالسّرائل , بدل ” السّرائر ” .

وإن كان في القرآن مثله وكان المعنى بعيداً ولكن لا يغيّر المعنى تغييراً فاحشاً تفسد الصّلاة به عند أبي حنيفة ومحمّدٍ , وقال بعض الحنفيّة : لا تفسد لعموم البلوى , وهو قول أبي يوسف وإن لم يكن في القرآن ولكن لم يتغيّر به المعنى نحو : ” قيّامين ” بدل : ” قوّامين ” فالخلاف بينهم بالعكس : فالمعتبر في عدم الفساد عند عدم تغير المعنى كثيراً وجود المثل في القرآن عند أبي يوسف ، والموافقة في المعنى عند أبي حنيفة ومحمّدٍ , فهذه قواعد المتقدّمين من أئمّة الحنفيّة , وأمّا المتأخّرون : كابن مقاتلٍ , وابن سلامٍ , وإسماعيل الزّاهد , وأبي بكرٍ البلخيّ , والهندوانيّ , وابن الفضل فاتّفقوا على أنّ الخطأ في الإعراب لا يفسد الصّلاة مطلقاً , وإن أدّى اعتقاده كفراً , ككسر ” ورسوله ” , في قوله تعالى : { أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } لأنّ أكثر النّاس لا يميّزون بين وجوه الإعراب , وإن كان الخطأ بإبدال حرفٍ بحرف : فإن أمكن الفصل بينهما بلا كلفةٍ كالصّاد مع الطّاء بأن قرأ الطّالحات , بدل ” الصّالحات ” فهو مفسد باتّفاق أئمّتهم , وإن لم يمكن التّمييز بينهما إلا بمشقّة كالظّاء مع الضّاد والصّاد مع السّين فأكثرهم على عدم الفساد لعموم البلوى , ولم يفرّق الحنفيّة بين أن يقع اللّحن في القراءة في الصّلاة في الفاتحة أو في غيرها .

وقال المالكيّة في أصحّ الأقوال عندهم : لا تبطل الصّلاة بلحن في القراءة ولو بالفاتحة , وإن غيّر المعنى , وأثم المقتدي به إن وجد غيره , ممّن يحسن القراءة.