اختلف الفقهاء في تحديد الفقر الذي يُحل لصاحبه المسألة، فبعضهم توسع في ذلك وقال بأن غير الغني فقير ، وأن الغني هو الذي يملك نصاب الزكاة . وبعضهم قال بأن الفقير هو الذي لا يملك مايكفيه لحاجته الضرورية، والأمر يرجع في ذلك إلى حالة كل واحد على حدة ، والفقر معناه الحاجة إلى الغير ، فمن افتقر لأمر ضروري من المأكل والملبس والمسكن والدواء حلت له الزكاة ، وإلا فلا تحل له . كما ينبغي للمسلم ألا يذل نفسه بالسؤال.
يقول الشيخ عطية صقر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
الفقراء والمساكين هم: المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم، وإن كان هناك تفاوت في هذا الاحتياج.
ورأى بعضهم أن الفقير أو المسكين: من لا يملك النصاب من المال.
أما من يملكه زائدا عن ضرورياته فهو غني، ومن ليس بغني له الحق في أخذ الزكاة، كما في الحديث: “صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم “.
والقدر الذي يعطى للفقير والمسكين هو ما يسد حاجته الضرورية، أو يكفيه ما يحتاجه؛ ليكون غنيا وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، والأحوال.
والإمام مالك لم يضع لذلك حدا فقال: يعطى له من المسكن والخادم والدآبة، القدر الذي لا غنى له عنه.
وقد جاء في حديث مسلم ما يدل على أن المسألة تحل للفقير حتى يأخذ ما يقوم بعيشه ويستغني به مدى الحياة.
وأما الإنسان القوي الذي يقدر على الكسب فهو كالغني لا يستحق الزكاة، وقد جاء ذلك في حديث رواه أبو داود والنسائي حيث جاء رجلان قويان يطلبان الصدقة من الرسول (ﷺ) في حجة الوداع وهو يقسم الصدقات “فرفع بصره فيهما وخفضه ثم قال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب”. وفى حديث رواه أبو داود والترمذي وصححه: “لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرَّةٍ سويّ “. أي: قوي الجسم سليم الأعضاء. وهذا مذهب الشافعي.
أما أبو حنيفة: فيجوز للقوي أن يأخذ الصدقة إذا لم يملك مائتي درهم فصاعدا، وهو نصاب الزكاة.
قال: النووي سئل الغزالي عن القوي من أهل البيوتات الذين لم تجر عادتهم في التكسب بالبدن سئل: هل له أخذ الزكاة من سهم الفقراء؟ قال: نعم. وهذا صحيح جار على أن المعتبر حرفة تليق به.
وإذا كان هذا هو رأي بعض العلماء ، فالذي أختاره أنا:
أن الظروف لها دخل في مثل هذا الموضوع، والحالة الاقتصادية الضاغطة تدعو كل إنسان ليعمل ويكسب قوته بعرق جبينه؛ ليكف نفسه عن المسألة ولا يوصف بالتعطل، وليزيد في الإنتاج.