هناك فروق جوهرية بين المندوب والمباح، فالمندوب هو طلب فعل طلبا غير لازم، ومن فعله يؤجر، ومن تركه لا يأثم، والمباح هو ما خير الإنسان في فعله وتركه، فمن فعله يؤجر، ومن لم يفعله لا شيء عليه.
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الشرباصي -رحمه الله:
المندوب هو ما طلبه الشرع وطلب فعلَه طلبًا غير لازم، وهو ما يُثاب عليه فاعله، ولا يُعاقب على ترْكه تاركُه، أو هو ما يُمدح عليه فاعله إذا فعله، ولا يُذم شرعًا إذا تركه، فهو يجوز تركه، وإن كان يترجح فعله، وقد يسمى النافلة أو التطوع أو المستحب أو الإحسان.
على أن المندوب درجات ومراتب؛ لأن من المندوب سنة مؤكدة، وهي الشيء الذي داوم
النبي ـ ﷺ ـ على أدائه دون أن يتركه، مع تنبيهه على أنه ليس فرضًا محتومًا مثل ركعتي السنة قبل صلاة الفجر، وركعتي السُّنة بعد المغرب، وقراءة سورة أو آية بعد الفاتحة في الصلاة.
ويروى أن الإنسان لا يُعاقَب على ترك هذه السنة، وإن كان يلام على ذلك الترك، لأنه يكون كالمعاندة لسُنَّة دوام عليها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
ومن المندوب سنة غير مؤكدة، وهي الأعمال التي فعلها النبي ـ ﷺ ـ مرة أو أكثر، ولكنه لم يداوم عليها، كصلاة أربع ركعات قبل العصر، وكصدقة التطوع، وكصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، ويقول العلماء: إن المندوب يعتبر خادمًا للواجب الشرعي؛ لأنه يكون ذريعة إلى المواظبة عليه، إذْ هو نوع من الرياضة للنفس، يستدعي القيام بالفرائض، فمن أدَّى المندوب كان ذلك مِعوانًا على أداء الفريضة، فالمندوب كمُقدِّمةٍ للواجب أو تَذكرةٍ به.
وأما المباح فهو ما خَيَّرَ الشرعُ الإنسانَ المُكلَّف بين فعله وتركه، فله أن يفعل، وله أن يترك، كإباحة الأكل، والصيد، والسعي في الأرض لطلب الرزق.