( الشرح والتفسير والتحليل …) الحقّ أن أغلب هذه المعاني معانٍ مشتركة, وإن كانت في الوقت نفسه تتفرَّدُ بدلالات خاصة تميزها عن المعاني الأخرى, إلا أن الشرح ارتبط كثيرا بالتفسير, ولعل هذه المفردة هي التي تؤدي المعنى على أحسن وجه, فالمعاني الأخرى تحوي معنى الشرح ولكنها لا تشمله.

فالشرح، وإن ارتبط بمعاني الكشف والتوضيح والبيان, والفتح والتفسير والحفظ فإنّه يجمع بين بيان وضع اللفظ وبين تفسير باطن اللفظ, أي “التفسير” و”التأويل”.

أمّا “التفسير” فكشْفُ المُراد عن اللفظ المشكل وبيان وضع اللفظ إمّا حقيقة أو مجازاً.

أمّا “التأويل” فمن: أوَّل الكلام وتأوَّله: دبَّره وقدَّره وأوَّله: فسَّره، ويكون ذلك بردّ أحد المحتمَلَيْن إلى ما يطابق الظاهر، وبذلك خرجت دلالات هذه الألفاظ من معنى المشترك حين دخلت مجال الدراسة العلمية , فاختص التأويل والتفسير بالدراسة القرآنية والمعجمية, والشرح بالشعر, إلا فيما ندر, وأصبح لكل منها اصطلاح خاص به.

فالشرح هو التعليق على مصنف درس من وجهة علوم مختلفة وقد كتبت الشروح على معظم الرسائل المشهورة أو الأشعار العربية نحو شرح مقامات الحريري (ت516هـ)، وشرح مشكل شعر المتنبي لابن سيده (ت 458هـ). وعلى هذا فالشّرح أيضا:” توضيح المعنى البعيد بمعان قريبة معروفة “ومن هنا اكتسب الشرح معناه الخاص.

وأما التفسير, فهو شرح, لكنه من نوع آخر, فهو “شرح لغوي أو مذهبي لنص من النصوص” ومن هنا نجد أنّ هذا الاختصاص لم يأت اعتباطا, فلكل مصطلح مجاله الذي يتقاطع فيه مع المجال الثاني, لكنه لا يتّحد معه على الرغم من اتحادهما في الأصل اللغوي.

وعلى هذا فإن الشرح لفظ عام, وهو مصطلح ذو شقّين: التفسير والتأويل, وقد يتداخل الشِّقاَّن أثناء عملية الشرح, فنضطر إلى التعامل مع التفسير على أنّه مرادف للشرح.

والخلاصة أن الشرح بيان المشروح وإخراجه من وجه الإشكال إلى التجلي والظهور ،ولهذا لا يستعمل الشرح في القرآن .