يقول الشيخ عبد الحليم محمود –رحمه الله-:
يقول رسول الله ﷺ: “إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكل امرئٍ ما نَوَى، فمَن كانت هجرتُه إلى اللهِ ورسولِه فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه، ومن كانت هجرتُه لِدُنيا يُصِيبُها أو امرأةٍ يَنكِحُها فهجرتُه إلى ما هاجَرَ إليه.
يدلنا هذا الحديث الشريف على أن صحة الأعمال الصالحة إنما هي بالنية الخالصة لله ورسوله. والواقع أنه ليس الأمرُ أمرَ النية فَحَسْبُ، وإنما الأمرُ أيضا خلوصُ النية في أعمال الخير كلها، ومعنى خلوصِ النية: أن يريد الإنسانُ بالعمل الصالح وَجْهَ الله وحده. عن الضحاك بن قيس قال: قال رسول الله ﷺ: “إن اللهَ، تبارك وتعالى، يقول: أنا خيرُ شَرِيكٍ، فمن أشرَكَ معي شَرِيكًا فهو لِشَرِيكي” ثم يقول رسول الله ﷺ: “يأيها الناس أخلِصوا أعمالَكم، فإن اللهَ، تبارك وتعالى، لا يَقبَلُ من الأعمال إلا ما خَلَصَ له، ولا تقولوا: هذه للهِ وللرَّحِمِ. فإنها للرَّحِمِ، وليس للهِ منها شيء، ولا تقولوا: هذه للهِ ولوجوهِكم. فإنها لوجهِكم، وليس للهِ منها شيء” ويقول الله تعالى: (فمن كان يرجو لقاءَ ربِّه فليَعمَلْ عملاً صالحًا ولا يُشرِكْ بعبادةِ ربِّه أحدًا).
والغُسل بغير نية لا يصح ، ولكن مما يجب التنبُّهُ أن النية هي القصد والعزم على الشيء ، ومحلُّها القلبُ ، لا تعلُّقَ لها باللسان أصلاً ، ولذلك لم يُنقَلْ عن النبي ـ ﷺ ـ ولا عن الصحابة في النية لفظٌ بحال ، وهذه العبارات التي أُحدثَت عند افتتاح الطهارة والصلاة جعَلَها الشيطان معترَكًا لأهل الوَسواس ، يَحبسهم عندها ويعذبهم فيها ويُوقعهم في طلب تصحيحها ، فتَرَى أحدَهم يكررها ويَجهَدُ نفسَه في التلفظ بها ، وليست من الصلاة في شيء.