إذا بقي المسلم طول اليوم دون غسل ، فإنه يبقى طول اليوم دون صلاة ،ولو كان صائما فالصيام دون صلاة حسنة مع سيئة كبرى، والسيئة لا تمحو الحسنة، وأما من رأى أن ترك الصلاة كفر فلا يثاب تارك الصلاة عنده إن صام ؛ لأنه يلقى الله كافرا، أفيحب المسلم أن يلقى الله كافرا.

ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: “ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر ،والمتضمخ بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضأ”.

قال الحافظ المناوي في بيان الجنب في الحديث: الجنب الذي اعتاد ترك الغسل تهاوناً به حتى يمر عليه وقت صلاة ولم يغتسل لاستخفافه بالشرع ومن امتنع عن عبادة ربه وتقاعد عنها فهو ملحق بمن عبد غير اللّه تغليظ لأن الخلق إنما خلقوا لعبادته، فليس المراد أي جنب كان لما ثبت أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان ينام جنباً، ويطوف على نسائه بغسل واحد، وزعم أن المراد بالجنب من زنا: بعيد من السياق، وتقييد للإطلاق بلا دليل.

وقيل: الذي لا تحضره الملائكة هو الذي لا يتوضأ بعد الجنابة وضوءاً كاملاً، وقيل: هو الذي يتهاون في غسل الجنابة، فيمكث من الجمعة إلى الجمعة لا يغتسل إلا للجمعة، ويحتمل أن يراد الجنب الذي لم يستعذ باللّه من الشيطان عند الجماع، ولم يقل ما وردت به السنة: اللّهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن لم يقله يحضره الشيطان، ومن حضرته الشيطان تباعدت عنه الملائكة. أهـ

وقال الخطابي: (المراد بالجنب من يتهاون بالاغتسال، ويتخذ تركه عادة لا من يؤخره ليفعله، ).
وقال السندي في حاشيته على النسائي :-
هو محمول على ملائكة الرحمة والبركة لا الحفظة؛ فإنهم لا يفارقون الجنب ولا غيره . وحمل الجنب على من يتهاون بالغسل، ويتخذ تركه عادة، لا من يؤخر الاغتسال إلى حضور الصلاة، وأشار المصنف بالترجمة إلى أن المراد من لم يتوضأ .. انتهى.
ومراد السندي بالترجمة أن النسائي أورد هذا الحديث تحت عنوان : (الجنب إذا لم يتوضأ)

أما مسألة العادة السرية ، فالعادة السرية هي : استخراج المني عن طريق غير طريق الزواج ، أما حكمها ، فالأصل في الاستمناء بهذه الوسائل الحرمة ، وقدأفاض الأطباء في الحديث عن أضراره النفسية والصحية ، ويجوز الاستمناء لغير المتزوج إذا خاف على نفسه الزنا إن هو لم يستمن ، فيباح حينئذ لكسر الشهوة ، وليس لقصد الشهوة ، وذلك بعد أن يجرب كل التدابير الشرعية التي تمنعه من ذلك ، وعلى رأسها الصيام . والبعد عن مواطن الشهوة ، وشغل النفس بالذكر والدعوة ، وتلاوة القرآن . أما المتزوج فلا يباح له الاستمناء بحال طالما أن امرأته بين يديه.

يقول الدكتور يوسف القرضاوي:-

قد يثور دم الغريزة في الشاب فيلجأ إلى يده يستخرج بها المني من جسده ليريح أعصابه، ويهدئ من ثورة الغريزة، وهو ما يعرف اليوم “بالعادة السرية”.

وقد حرَّمها أكثر العلماء، واستدل الإمام مالك بقوله تعالى :.

(والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون). (المؤمنون: 5 – 7).

والمستمني بيده قد ابتغى لشهوته شيئًا وراء ذلك.

ورُوِيَ عن الإمام أحمد بن حنبل أنه اعتبر المني فضلة من فضلات الجسم، فجاز إخراجه كالفصد، وهذا ما ذهب إليه وأيده ابن حزم . وقيد فقهاء الحنابلة الجواز بأمرين: الأول خشية الوقوع في الزنى . . والثاني عدم استطاعة الزواج.

ويمكن أن نأخذ برأي الإمام أحمد في حالات ثوران الغريزة وخشية الوقوع في الحرام، كشاب يتعلم أو يعمل غريبًا عن وطنه، وأسباب الإغراء أمامه كثيرة، ويخشى على نفسه العنت، فلا حرج عليه أن يلجأ إلى هذه الوسيلة يُطفئ بها ثوران الغريزة، على ألا يُسرف فيها ويتخذها ديدنًا.

وأفضل من ذلك ما أرشد إليه الرسولُ الكريمُ الشابَّ المسلم الذي يعجز عن الزواج، أن يستعين بكثرة الصوم، الذي يربي الإرادة ويعلم الصبر، ويقوي ملكة التقوى ومراقبة الله تعالى في نفس المسلم وذلك حين قال: “يا معشر الشباب . . من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” كما رواه البخاري.