اختلف الفقهاء في حكم السعي قبل الطواف:
-فذهب الجمهور إلى عدم صحته لأن النبي ﷺ سعى بعد ما طاف ، وقد قال: “خذوا عني مناسككم” رواه مسلم .
-وذهب عطاء و داود وطائفة من أهل الحديث ورجحه بعض العلماء المعاصرين إلى أنه يصح، لما رواه أبو داود عن أسامة بن شريك أن رجلاً قال: يا رسول الله، سعيت قبل أن أطوف؟ فقال: “لا حرج” قال النووي : بإسناد صحيح رجاله رجال الصحيحين.
وقد رجح جواز تقديم السعي على الطواف الشيخ العلامة ابن العثيمين – رحمه الله-فقال :-
…الصوابُ أنه لا فرق بين يوم العيد وغيره في أنه يجوزُ تقديم السعي على الطواف في الحج، حتى لو كان بعدَ يوم العيد لعموم الحديث، حيث قال رجلٌ للنبي صلى الله عليه وسلّم : سعيتُ قبل أنْ أَطوفَ قال : « لا حرج». وإذا كان الحديثُ عاماً فإنه لا فرقَ بين أن يكونَ ذلك في يوم العيد أو فيما بعده.انتهى.
وقال الشيخ ابن العثيمين في موضع آخر :-
وأما السعي قبل الطواف، فإن من العلماء من قال: لا يجزئ السعي قبل الطواف؛ لأن الله تعالى قال: { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [الحج] ، فذكر الطواف بالبيت بعد قضاء التفث وإيفاء النذور.
وأما قوله في الحديث: “سعيت قبل أن أطوف” ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا حرج، فطعنوا فيه، أو أوَّلوه، وقالوا: المراد بذلك سعي الحج لمن كان قارناً أو مفرداً.
والصحيح جواز تقديم سعي الحج على طواف الإفاضة والجواب عن المعارض.
أولاً: بالنسبة للحديث فالحديث صحيح، ولا مطعن فيه، وبالنسبة لتأويله: فإن هذا الرجل لم يسأل عن سعي سبق منذ أيام وإنما سأل عن سعي حصل في ذلك اليوم.
وأيضاً فقد علم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان سعى بعد طواف القدوم فالسؤال عنه ضرب من اللغو.
ثانياً: وأما بالنسبة للآية فإن السعي لم يذكر فيها لأنه لا يلزم جميع الناس، فالقارن والمفرد لا سعي عليهما بعد طواف الإفاضة إن كانا فعلاه بعد طواف القدوم، والمتمتع في وجوب السعي عليه في الحج قولان للعلماء وقد سبق.