هذه المقولة ليست حديثا ولا آية ، ولكنها كلام لأهل العلم أرادوا أن يبينوا قيمة المعاملة في الإسلام ، وأنها منه بمنزلة اللب والقلب ، وأن من حسنت سريرته ، وعمر محرابه لكن الناس لا يأمنون شره فنصيبه في الإسلام ضعيف هزيل.

يقول الدكتور يوسف القرضاوي :-

الدين المعاملة ليس بحديث ولكنه من كلام العلماء وإن كان معناه مما اتفق عليه كافة العلماء وهو ضرورة التحلي بكافة الأخلاق الإسلامية، والعبادات الإسلامية الكبرى ذات أهداف أخلاقية واضحة.

فالصلاة وهي العبادة اليومية الأولى في حياة المسلم، لها وظيفة مرموقة في تكوين الوازع الذاتي، وتربية الضمير الديني: (وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).

والصلاة كذلك مدد أخلاقي للمسلم يستعين به في مواجهة متاعب الحياة: (يا آيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة).

والزكاة وهى العبادة التي قرنها القرآن بالصلاة ـ ليست مجرد ضريبة مالية، تؤخذ من الأغنياء، لترد على الفقراء. إنها وسيلة تطهير وتزكية في عالم الأخلاق، كما أنها وسيلة تحصيل وتنمية في عالم الأموال: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).

والصيام في الإسلام، إنما يقصد به تدريب النفس على الكف عن شهواتها، والثورة على مألوفاتها. وبعبارة أخرى: إنه يهيئ النفس للتقوى وهى جماع الأخلاق الإسلامية: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).

والحج تدريب للمسلم على التطهر والتجرد والترفع عن زخارف الحياة وترفها، وخضامها وصراعها. ولذا يفرض في الحج الإحرام ليدخل المسلم حياة قوامها البساطة والتواضع والسلام والجدية والزهد في مظاهر الحياة الدنيا: (الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).

وحين تفقد هذه العبادات الإسلامية هذه المعاني ولا تحقق هذه الأهداف تفقد بذلك معناها وجوهر مهمتها، وتصبح جثة بلا روح. ولا غرو أن جاءت الأحاديث النبوية الشريفة تؤكد ذلك بأسلوب بليغ واضح.

فتقول عن الصلاة: “من لم تنهه صلاته عن الفحشاء، فلا صلاة له”، “كم من قائم (أي الليل بالتهجد) ليس له من قيامه إلا السهر”.

وعن الصيام: “من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”، “كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش”.