من أساليب اللغة العربية أن الشخص يعبر عن نفسه بضمير ” نحن ” للتعظيم والتفخيم ، ويذكر نفسه بضمير المتكلم الدال على المفرد كقوله ” أنا ” ، وبضمير الغيبة نحو ” هو ” وهذه الأساليب الثلاثة جاءت في القرآن ، والله قد أنزل القرآن بلسان العرب ، وخاطب العرب بلسانهم ، أما اعتقاد أهل الضلال والزيغ أن في هذا الاستخدام اللغوي إشارة إلى تعدد الآلهة فإن هذا الفهم يعد من الفهم السقيم ، ولا يقول به إلا من لم يرزق فهم كلام العرب ، و هو في واد وأساليب اللغة وقوانينها في واد آخر، فلغة العرب تأبى مثل هذا الفهم الخاطئ كما أن الكثير من الآيات ناطقة بتوحيد الإله مثل قوله تعالى :” قل هو الله أحد ” .
وكما يقول شاعر العربية المتنبي :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ****** وينكر الفم طعم الماء من سقم
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
” فالله سبحانه وتعالى يذكر نفسه تارة بصيغة المفرد مظهراً أو مضمراً ، وتارة بصيغة الجمع كقوله : ” إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ” وأمثال ذلك . ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط ؛ لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم الذي يستحقه ، وربما تدل على معاني أسمائه ، وأما صيغة التثنية فتدل على العدد المحصور ، وهو مقدس عن ذلك ” أ.هـ
أما شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة التدمرية فيقول :
لفظ ( إنَّا ) و ( نحن ) وغيرهما من صيغ الجمع قد يتكلم بها الشخص عن جماعته ، وقد يتكلّم بها الواحد العظيم ، كما يفعل بعض الملوك إذا أصدر مرسوماً أو قراراً يقول : نحن ، وقررنا ، ونحو ذلك ، وليس هو إلا شخص واحد ، وإنّما عبّر بها للتعظيم .
والأحقّ بالتعظيم من كلّ أحد هو الله عزّ وجلّ فإذا قال الله في كتابه إنَّا ونحن ؛ فإنّها للتعظيم وليست للتعدّد ، ولو أنّ آية من هذا القبيل أشكلت على شخص واشتبهت عليه فيجب أن يردّ تفسيرها إلى الآيات المحكمة ، فإذا تمسك النصراني مثلا بقوله : ( إنا نحن نزلنا الذكر ) ونحوه على تعدد الآلهة ، رددنا عليه بالمحكم كقوله تعالى : ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) ، وقوله : ( قل هو الله أحد ) ، ونحو ذلك مما لا يحتمل إلا معنى واحداً ، وعند ذلك يزول اللبس عمن أراد الحقّ ، وكلّ صيغ الجمع التي ذكر الله بها نفسه مبنية على ما يستحقه من العظمة ، ولكثرة أسمائه وصفاته ، وكثرة جنوده وملائكته .