الصلاة أصلا في اللغة: الدعاء، ويسن لمن نزلت به ملمة، أو مرت به شدة، أو حلت به ضائقة، أو نزل به بلاء: أن يتضرع إلى الله تعالى بالدعاء، لا في صلاة العشاء فحسب بل له ذلك في الصلوات كلها، لقوله تعالى: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون) هذه الأية الكريمة توضح أن من حكمة إنزال الله تعالى البلاء والشدائد بالعباد، إنما يلجئهم الله تعالى إليه إلجاء، فيظهروا الفاقة إليه عز وجل، متمثلة في الدعاء وهو مخ العبادة.
وقد صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ظل يقنت شهرا في الصلوات كلها على (رعل) و(ذكوان) و(عصية) لما قتلت رسله إليهم.
ويجوز ذلك الدعاء لمن صلى منفردا أو في جماعة، على أن يبدأ الإمام بالدعاء، ويؤمن وراءه المأمومون، فهم بذلك التأمين يدعون مع الإمام، لقول الله تعالى عن موسى عليه السلام لما دعا ربه قائلا: ( … ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم، واشدد على قلوبهم، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) الشاهد قوله تعالى بعدها مباشرة: (قال: قد أجيبت دعوتكما، فاستقيما، ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) إذ لما أمن هارون على دعوة أخيه موسى كان مشتركا معه في الدعاء، ولذا قال تعالى: ( قد أجيبت دعوتكم).
وما لذلك من نص معين ، إذ الدعاء يختلف تبعا لنوعية البلاء، وأفضل الدعاء ما كان مأثورا وواردا في الكتاب العزيز أو السنة النبوية، فألفاظ وصيغ الدعاء في شقي الوحي هذين، قد جمعا فأوعى، ولذلك قال تعالى : (أدعوا ربكم تضرعا وخفية، إنه لا يحب المعتدين).
ما العلاقة بين الأمر بالدعاء والإخبار بعدم حب الله تعالى للاعتداء؟
قال أهل العلم: إن من الاعتداء في الدعاء: ترك المأثور من الأدعية في الكتاب والسنة مع حفظه إلى غيره، وإن لم تحفظ شيئا من أدعية الكتاب والسنة، فادع بما يجريه الله على لسانك، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأحد أصحابه لعدم حفظه الأدعية المأثورة: “حولها فدندن” .