دعاء المظلوم بأن ينتقم الله ممن ظلمه جائز في الجملة، ولكن لا يعتد في الدعاء بأن يحدد أنواع الانتقام بالظلم والخسف ونحو ذلك، ولكن حسبه أن يدعو بأن يقتص الله له وينصفه عليه.

والأفضل من ذلك كما جاء في فتوى للشيخ ابن العثيمين أن يدعو للإمام بالهداية؛ ففي صلاحه صلاح للأمة جميعا ، وفي غوايته عنت وقهر للأمة جميعا، فماذا عساه يستفيد الناس من الدعاء على ولاة الأمور.

حكم دعاء الإنسان على من ظلمه أو ظلم المسلمين؟

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
-قال اللّه تعالى : { لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ } .
-قال القرطبيّ : الّذي يقتضيه ظاهر الآية أنّ للمظلوم أن ينتصر من ظالمه ، ولكن مع اقتصاد إن كان الظّالم مؤمناً ، كما قال الحسن ، وإن كان كافراً فأرسل لسانك وادع بما شئت من الهلكة وبكلّ دعاء ، كما فعل النّبيّ حيث قال : « اللّهمّ اشدد وطأتك على مضر . اللّهمّ اجعلها عليهم سنين كسني يوسف » .
وقال : « اللّهمّ عليك بفلان وفلان سمّاهم » .

-وإن كان مجاهراً بالظّلم دعا عليه جهراً ، ولم يكن له عرض محترم ، ولا بدن محترم ، ولا مال محترم .

وقد روى أبو داود عن « عائشة قال : سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه ، فقال النّبيّ : لا تسبّخي عنه » أي لا تخفّفي عنه العقوبة بدعائك عليه .

هل يجوز الدعاء على الظالم؟

-قال النّوويّ : اعلم أن هذا الباب واسع جدًّا ، وقد تظاهر على جوازه نصوص الكتاب والسّنّة، وأفعال سلف الأمّة وخلفها ، وقد أخبر اللّه سبحانه وتعالى في مواضع كثيرة معلومة من القرآن عن الأنبياء صلوات اللّه وسلامه عليهم بدعائهم على الكفّار .
-وعن عليّ – رضي الله عنه – أنّ النّبيّ قال يوم الأحزاب : « ملأ اللّه قبورهم وبيوتهم ناراً كما حبسونا وشغلونا عن الصّلاة الوسطى » .

-وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : « أنّ رجلاً أكل بشماله عند رسول اللّه فقال : كل بيمينك قال : لا أستطيع ، قال : لا استطعت ، ما منعه إلاّ الكبر، قال : فما رفعها إلى فيه » .

-قال النّوويّ : هذا الرّجل هو بُسر – بضمّ الباء وبالسّين المهملة – ابن راعي العير الأشجعيّ ، صحابيّ ، ففيه جواز الدّعاء على من خالف الحكم الشّرعيّ .

-وعن جابر بن سمرة قال : شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه ، فعزله واستعمل عليهم .. وذكر الحديث إلى أن قال : أرسل معه عمر رجالاً أو رجلاً إلى الكوفة يسأل عنه ، فلم يدع مسجداً إلاّ سأل عنه ويثنون معروفاً ، حتّى دخل مسجداً لبني عبس ، فقام له رجل منهم يقال له : أسامة بن قتادة ، يكنّى أبا سعدة فقال : أمّا إذا نشدتنا فإنّ سعداً لا يسير بالسّريّة ، ولا يقسم بالسّويّة ، ولا يعدل في القضيّة . قال سعد: أما واللّه لأدعونّ بثلاث : اللّهمّ إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياءً وسمعةً فأطل عمره ، وأطل فقره ، وعرّضه للفتن . فكان بعد ذلك يقول : شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد . قال عبد الملك بن عمير الرّاوي عن جابر بن سمرة : فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، وإنّه ليتعرّض للجواري في الطّرق فيغمزهنّ .

-وعن عروة بن الزّبير ، أنّ سعيد بن زيد رضي الله عنهما ، خاصمته أروى بنت أوس – وقيل : أويس – إلى مروان بن الحكم ، وادّعت أنّه أخذ شيئاً من أرضها ، فقال سعيد رضي الله عنه : أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الّذي سمعت من رسول اللّه ؟ قال : ما سمعت من رسول اللّه ؟ قال سمعت رسول اللّه يقول : « من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوّقه إلى سبع أرضين » . قال مروان: لا أسألك بيّنةً بعد هذا ، فقال سعيد : اللّهمّ إن كانت كاذبةً فأعم بصرها واقتلها في أرضها ، قال : فما ماتت حتّى ذهب بصرها ، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت .