الحلول والاتحاد من عقائد الكفر ، ويراد بالحلول أن الله تعالى عما يقولون حلَّ في بعض مخلوقاته وفي هذا يقول شاعرهم :
سبحان مـن أظهر ناسوته سـر لاهوته الثاقـــب
ثم بدا في خلقـه ظــاهراً في صورة الآكل والشارب
وقد اعترض العلماء على قائل هذه الأبيات ، أما الاتحاد فيراد به أن عين المخلوقات هو عين الله تعالى ، وهذا كفر بواح أيضاً ، ومن مقالات الزندقة والإلحاد ، ولا شكَّ في كفر من اعتقد ذلك .
الحلول والاتحاد عقيدتان كفريتان ويظهر ذلك من خلال معرفة معناهما،
أما الحلول فمعناه أن الله يحل في بعض مخلوقاته، ويتحد معها، كاعتقاد النصارى حلوله في المسيح عيسى ابن مريم، واعتقاد بعض الناس حلوله في الحلاج، وفي بعض مشايخ الصوفية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وهؤلاء الذين تكلموا في هذا الأمر “الاتحاد العام” لم يعرف لهم خبر من حين ظهرت دولة التتار، وإلا فكان الاتحاد القديم هو الاتحاد المعين، وذلك أن القسمة رباعية، فإن كل واحد من الاتحاد والحلول إما معين في شخص، وإما مطلق .
أما الاتحاد والحلول المعين كقول النصارى: أن الاتحاد كاتحاد الماء واللبن .
وأما الحلول المطلق وهو أن الله تعالى بذاته حال في كل شيء، فهذا يحكيه أهل السنة والسلف عن قدماء الجهمية، وكانوا يكفرونهم بذلك.
فأما ما جاء به هؤلاء من الاتحاد العام فما علمنا أحداً سبقهم إليه إلا من أنكر وجود الصانع، مثل : فرعون والقرامطة، وذلك أن حقيقة أمرهم أنهم يرون أن عين وجود الحق هو عين وجود الخلق، وأن وجود ذات الله خالق السموات والأرض، هي نفس وجود المخلوقات، فلا يتصور عندهم أن يكون الله تعالى خلق غيره، ولا أنه رب العالمين، ولا أنه غني وما سواه فقير، لكن تفرقوا على ثلاثة طرق، وأكثر من ينظر في كلامهم لا يفهم حقيقة أمرهم لأنه أمر مبهم).
وأما الاتحاد فمعناه أن عين المخلوقات هو عين الله تعالى وهو ما سبق تسميته في كلام شيخ الإسلام الاتحاد العام.
وقال عنه في مكان آخر : مذهبهم الذي هم عليه أن الوجود واحد، ويسمون أهل وحدة الوجود، ويدعون التحقيق والعرفان، وهم يجعلون وجود الخالق، عين وجود المخلوقات، فكل ما يتصف به المخلوقات من حسن وقبيح، ومدح وذم، إنما المتصف به عندهم عين الخالق، وليس للخالق عندهم وجود مباين لوجود المخلوقات منفصل عنها أصلا،ً بل عندهم ما ثم غير أصلا للخالق ولا سواه.
ومن كلماتهم: ليس إلا الله، فعباد الأصنام لم يعبدوا غيره عندهم، لأنهم ما عندهم له غير، ولهذا جعلوا قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)[الإسراء:23] بمعنى قدر ربك أن لا تعبدوا إلا إياه، إذ ليس عندهم غير له تتصور عبادته، فكل عابد صنم إنما عبد الله.
ولهذا جعل هؤلاء : عباد العجل مصيبين، … وفرعون من كبار العارفين المحققين، وأنه كان مصيباً في دعواه الربوبية… ويكفي معرفة بكفرهم أن من أخف أقوالهم أن فرعون مات مؤمناً بريئاً من الذنوب…) إلى آخر ما ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- عنهم.
مما يدل دلالة واضحة صريحة على كفرهم، وخروجهم عن الملة.