التداوي بالحجامة من الأمور المستحبة شرعا،ويجوز استخدامها في أي وقت إن كانت علاجاً لداء معين .وأما إن كان استعمالها على سبيل الوقاية فيستحب أن تكون في أوقات معينة نصت عليها بعض الأحاديث الصحيحة.
يقول الدكتور حسام الدين عفانه – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس :-

الحجامة مأخوذة من حجم بمعنى مصَّ ، والحجامة تعني مص الدم وإخراجه من البدن . انظر لسان العرب 3/67-68 .

وجاء في الموسوعة الطبية الفقهية ص327 ما يلي:
الحجامة وسيلة قديمة كانت تستخدم لعلاج معظم الأمراض لأن الناس كانوا يجهلون أسباب الأمراض وكانت الوسائل العلاجية محدودة جداً وقد تجرى الحجامة باستخدام العلق الذي يوضع على الجلد فيمص الدم وقد تجرى الحجامة أيضاً دون تشريط الجلد ، وذلك باستخدام كؤوس فارغة تسخن من باطنها لخلخلة الهواء وإحداث ضغط سلبي بداخلها ثم توضع على مناطق مختارة من الجلد فتجذب الدم في العروق إلى موضع الحجامة وهي طريقة تساعد في تخفيف الوجع وتعالج بعض الآفات الموضعية مثل التهاب العضلات والتهاب المفاصل .

وفي العصر الحديث عاد الاهتمام بمثل هذه الطرق القديمة من العلاج فيما يعرف بالطب الطبيعي أو الطب البديل الذي أنشئت له في أنحاء متفرقة من العالم عيادات متخصصة أخذ روادها يتزايدون يوماً بعد يوم وبخاصة بعد اكتشاف الأضرار الجانبية الخطيرة لكثير من الأدوية الكيميائية وتحول كثير من الأطباء عن الأدوية المصنعة إلى المعالجات الطبيعية . انتهى من الموسوعة

والتداوي بالحجامة من المندوبات في الشريعة الإسلامية ، وقد ورد في فضل التداوي بالحجامة أحاديث كثيرة منها : عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن أجر الحجام فقال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخففوا عنه . وقال صلى الله عليه وسلم :( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقُسْط البحري ) رواه البخاري ومسلم . والقُسْط البحري من عقاقير البحر انظر عمدة القاري 14/681 .
وروى البخاري بسنده أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عاد المقنع – أحد التابعين – ثم قال : لا أبرح حتى يحتجم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن فيه شفاء .
وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل أو لذعة بنار توافق الداء وما أحب أن أكتوي ) رواه البخاري مسلم .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به . رواه البخاري .

وقد ذكر الأطباء والعلماء قديماً وحديثاً فوائد كثيرة للحجامة قال العلامة ابن القيم :[ وأما منافع الحجامة فإنها تنقي سطح البدن أكثر من الفصد والفصد لأعماق البدن أفضل والحجامة تستخرج الدم من نواحي الجلد ] الطب النبوي ص169 .

وقال الدكتور عبد الرزاق الكيلاني :[ وتفيد الحجامة الجافة في تسكين الآلام جميعها إذا طبقت في مكان الألم أو قريباً منه وقد سقط النبي صلى الله عليه وسلم على وركه فأصيب بوثي فيه – أي وجع فيه- فعالجه بالحجامة ،كما تفيد في الصداع والآلام القطنية والآلام المفصلية ،وألم ذات الجنب، وتفيد في التهاب القصبات وذات الرئة واحتقانات الكبد والتهاب التأمور، وقصور القلب الخفيف كما تقوم مقام الاستدماء الذاتي لمكافحة أمراض الحساسية كالأكزيما والشري وغيرها وإذا أجريت في الرأس أفادت كثيراً من أمراض العين .

أما الحجامة المدماة فإنها عدا الأمراض التي تفيد فيها الحجامة الجافة تفيد في ارتفاع الضغط الشرياني بخاصة لأنها تكون كالفصادة وكذلك في قصور القلب الشديد ووذمة الرئة الحادة واحتقانات الكبد الشديدة وقصور الكلى الحاد والتسممات … وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم الحجامة لعلاج الوثي ولعلاج الصداع والشقيقة والتسمم واستعملها الصحابة فوق ذلك لتبيغ الدم وأظن أنهم كانوا يقصدون به ارتفاع الضغط الشرياني ] الحقائق الطبية في الإسلام ص284-285 .

وذكر الدكتور محمود النسيمي- صاحب كتاب الطب النبوي والعلم الحديث- استطبابات الحجامة ومنها : احتقانات الرئة واحتقان الكبد والتهاب الكلية الحاد والآلام العصبية … إلخ . انظر الطب النبوي والعلم الحديث 3/94-96 .

وذكر الدكتور عبد المعطي قلعجي استعمال الحجامة في الطب المعاصر وذلك في تعليقه على الطب النبوي لابن القيم في هامش الصفحتين 162-163 وذكر المصادر الطبية التي ذكرت استطبابات الحجامة في الطب المعاصر.

وأما وقت الحجامة فقد وردت بعض الأحاديث التي تفيد أن أفضل الحجامة ما يكون بعد النصف الثاني من الشهر الهجري بقليل فمن ذلك :-
عن أنس رضي الله عنه قال :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين ) رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/204 .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة ويوم تسع عشرة ويوم واحد وعشرين ) رواه الترمذي وحسنه ضمن حديث طويل وقد ذكره الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/204 وغير ذلك من الأحاديث انظر الطب النبوي للسيوطي ص 244 – 246 .

قال ابن القيم بعد أن ذكر الحديثين السابقين :[ وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت كان من أول الشهر وآخره . قال الخلال :أخبرني عصمة بن عصام قال : حدثنا حنبل قال : كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت ] الطب النبوي ص174-175.

وقال الدكتور محمود النسيمي :[ ليس للحجامة الجافة وقت معين لإجرائها وإنما تنفذ لدى وجود استطباب لها أما الحجامة المبزغة ( الدامية ) فلها أوقات مفضلة في الطب النبوي والعربي إذا استعملت بشكل وقائي أما في حالة الاستطباب العلاجي الإسعافي فإنها تجرى في أي وقت . ولقد مر أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بعدما سم واحتجم على وركه من وثء كان به – أي وجع كان به-واحتجم وهو محرم على ظهر قدمه من وجع أو وثء كان به ، وفي رأسه من شقيقة ألمت به ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه انتظر في تلك الأحوال يوماً معيناً أو ساعة معينة من اليوم . ولذا تحمل أحاديث تفضيل أيام معينة من الشهر لإجراء الحجامة الدامية على إجرائها لأغراض وقائية كما في الدمويين لدى اشتداد الحر والله تعالى أعلم ] الطب النبوي والعلم الحديث 3/102-103 .