لا مانع من أن يخبر الشاب الفتاة بأنه يريد الزواج بها حتى يعرف رأيها، فإن كانت مخطوبة فأقلع؛ لحرمة خطبة الفتاة المخطوبة.

وليس هناك دليل شرعي يحرم الميل الفطري الذي أودعه الله في القلوب، ولكن الحب المباح هو الذي لا يسعى إليه الإنسان، بل يجد الإنسان ميلاً قلبيًا تجاه فتاة معينة، وكذلك الفتاة.

لكن ذلك لا يبيح تبادل الخطابات والمكالمات الهاتفية ، والنظرات المشبوبة ، والمسمومة، فإن هذا منهي عنه شرعًا.

وإنما يتوج بتقدم الشاب لأهل الفتاة لخطبتها، فإن تمت الموافقة ،فهذا فضل من الله ونعمة، وإن لم تتم، التزم كل من الشاب والفتاة الآداب الشرعية ، ومن أهمها غض البصر،  وقطع كل منهما صلته بالآخر، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، فلا يسمح بوجود علاقة بينهما أيا كان نوع هذه العلاقة دون خطبة أو زواج.

وإذا أخبر الشاب الفتاة برغبته في الزواج وكانت ظروفه لا تسمح بتقدمه إلى أهلها في نفس الوقت، فعلى كل واحد منهما أن يقطع صلته بالآخر، فلا كلام، ولا مقابلات ولا إيميلات ولا غيرها، ولا يجوز التواصل بينهما بحجة أنهما سيكونان زوجين مستقبلاً، فإن الغيب لله ،لا يعلمه إلا هو، سواء أكان التواصل عن طريق الهاتف، أو الإيميل، أو اللقاءت الخارجية، ويجب عليهما قطع أي علاقة بينهما فورا مهما صغرت للأسباب التالية:-

1- لأن التواصل من اتخاذ الأخدان الذي نهى الله عز وجل عنه في كتابه الكريم.

2- لأنه ذريعة إلى الوقوع في المحظورات، بداية من اللغو في الكلام، ومرورا بالكلام في الأمور الجنسية وما شابهها، وختاما بتخريب البيوت، وانتهاك الأعراض، والواقع يشهد بذلك.

3-لأن التواصل بين الشاب والفتاة بعيدا عن الارتباط الشرعي الذي تشهده الأسرة، وتنعدم فيه الرقابة، و لا توجد فيه متابعة ولا ملاحقة، فيفضي كلا الطرفين إلى صاحبه بما يشاء دون خوف من رقيب ولا حذر من عتيد.

4-لأن التواصل عن طريق وسائل التواصل الحديثة المختلفة يستلزم الكذب إن عاجلا أو لاحقا، فإذا دخل الأب على ابنته ، وسألها ماذا تصنع، فلا شك في أنها ستلوذ بالكذب وتقول: إنني أحدث إحدى صديقاتي ، وإذا سألها زوجها في المستقبل عما إذا كانت مرت بهذه التجربة فإنها لا شك ستكذب عليه.

5- ويضاف إلى ذلك أنه يبدأ الشاب يستروح بالفتاة، ويأنس بها، ويسكن إليها، ويهش برسائلها، ويفرح بمقدمها، وهذا نوع من السكن لا يكون إلا بين الأزواج .

يقول الدكتور يوسف القرضاوي عن حكم المراسلات الخاصة بين الجنسين:-
الكلام بالمعروف لا ينكر شرعًا، والله تعالى قد قال: “يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض…”، فما دام الكلام مشروعًا، وليست هناك خلوة، وكان الكلام في موضوعات نافعة مما يهم الطرفين فلا بأس بذلك .انتهى.

ويقول الدكتور عبدالرازق فضل :

لو كان للكلمات مَحكَمة تَتقدم إليها طالبةً النَّصَفَةَ والانتصارَ لنَفسها لتقدمت كلمةُ الحب إلى هذه المحكمة عَجْلَى حَسْرَى غير وانيةٍ؛ ذلك أن الناس دَنَّسُوا معنى هذه الكلمة، حتى صارت تَنطلق على كل مَن نَزَتْ به غرائزُه فاستباح لنفسه نَظرةً أو كلمةً أو لقاءً تجاه مَن ليست بذاتِ رحِمٍ محرم منه، وفي هذا التصرُّف مُخالفة صريحة، واجتراء مَرذول على أمر الله الذي أمر بغَضِّ البصر وحفْظ الفرْج، وجعَلَ ذلك شرط الفلاح للفرد والمُجتمع. انتهى

كما لا ننسى طبيعة العلاقة بين الجنسين من حيث الفطرة، فالرجل فتنة للمرأة ،والمرأة فتنة للرجل ، والحل في هذا هو الزواج الشرعي القائم على الحب والمودة، أما خارج نظام الأسرة التي شرعها الإسلام ،فإنه يكون مجرى غير طبيعي ، لا يقبل إذا ترك له العنان . انتهى.

ويقول الشيخ عطية صقر – رحمه الله تعالى – :

إن الصداقة بين الجنسين في غير المجالات المشروعة تكون أخطر ما تكون في سن الشباب، حيث العاطفة القوية التي تغطي على العقل، إذا ضعف العقل أمام العاطفة القوية كانت الأخطار الجسيمة، وبخاصة ما يمس منها الشرف، الذي هو أغلى ما يحرص عليه كل عاقل، فبسبب عدم الالتزام بآداب الصداقة بين الجنسين في سن الشباب كانت ممنوعة، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار، ومن تعاليمه البعد عن مواطن الشبه التي تكثر فيها الظنون السيئة، والقيل والقال، ورحم الله امرأ ذب الغيبة عن نفسه.

ولا يجوز أن ننسى أبدا شهادة الواقع لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم “ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” رواه البخاري ومسلم.