لا خلاف بين أحد من العلماء في أن الكافِر لا يرِث من تركة المسلم شيئًا إذا كانت بينهما صلة زواج أو قرابة، كأن تزوّج المسلم كتابيّة ومات عنها، أو أسلم كافر ومات والورثة ما زالوا مصرِّين على الكفر حتى قسمت التركة وذلك لحديث الصحيحين.[1]
واختلفوا فيما إذا مات المسلم ثم أسلمت زوجتُه أو أحد أقاربه قبل توزيع التركة فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم إلى أن الكافِر لا يَرث من تركة المسلم شَيئًا بِأيِّ سَبَبٍ من أسبابِ الميراث، لا فَرقَ بين أن يسلم الكافِر قبل تقسيم التركة أو لا يسلم، وذهب أحمد بن حنبل إلى أن الزوجة الكتابيّة ترث من تركة زوجها المسلم، وأن القريب الكافر يرث من قريبه المسلم إذا أسلمَ كل واحد منهما قبل أن تُقسّم التركة.
أما ميراث المسلم من الكافر، في مثل الزوج يرث زوجتَه الكتابيّة، والمسلم يرث قريبه الكافر، فقد اتفق الأئمة الأربعة أيضًا على أن المسلم لا يرث من الكافر شيئًا بسبب الزوجيّة أو القَرابة.
وكان معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان وسعيد بن المسيب ومسروق والنخعي ومحمد ابن الحنفية وإسحاق بن راهويه يرَون أن المسلم يرث من الكافر بسبب الزوجيّة أو القَرابة، وهو رأي ضعيف، وما جاؤوا به لا ينهض دليلاً لصحة الرأي.
وأمّا المرتد عن الإسلام فذهب الشافعيّة والمالكيّة أنه لا يرث أحدًا من المسلمين أو من غيرهم بأي سبب من أسباب الميراث، ولا يرثه أحد من المسلمين أو من غيرهم كذلك، حتى لو ارتدّ أخوانِ عن الإسلام إلى النصرانيّة أو غيرها لا يرِث أحدُهما الآخر.
وذهب أبو حنيفة إلى أن المرتدّ لو كان رجلاً وبقي على ردّته حتى مات فماله الذي كسبه قبل الرِّدة تركة تقسّم بين الورثة المسلمين، أما ماله الذي كسبه في حال ردّته فيكون فيئًا للمسلمين، وإن كان المرتدُّ امرأة فجميع ما تتركه يكون تركة تقسّم بين ورثتها المسلمين، سواء كسبته قبل الرّدة أم بعدها، ” محمد محيى الدين على شرح الرحبية ” .
[1] جاء في صحيح البخاري عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ – رضي الله عنهما – أَنَّ النَّبِيَّ – ﷺ – قَالَ « لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَلاَ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ » .