جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب جمهور الفقهاء – الحنفية والشافعية والحنابلة – إلى أن التنحنح لغير عذر مبطل للصلاة إن ظهر حرفان، فإن كان لعذر نشأ من طبعه، أو غلبه فلا تفسد صلاته. قال الحنفية: ومثله ما لو فعله لغرض صحيح، كتحسين الصوت، لأنه يفعله لإصلاح القراءة، ومن الغرض الصحيح ما لو فعله ليهتدي إمامه إلى الصواب، أو للإعلام أنه في الصلاة، قال ابن عابدين: والقياس الفساد في الكل إلا في المدفوع إليه كما هو قول أبي حنيفة ومحمد، لأنه كلام والكلام مفسد على كل حال , وكأنهم عدلوا بذلك عن القياس وصححوا عدم الفساد به إذا كان لغرض صحيح لوجود نص، ففي سنن ابن ماجه عن علي – رضي الله تعالى عنه – قال: (كان لي من رسول الله ﷺ مدخلان: مدخل بالليل ومدخل بالنهار، فكنت إذا أتيته وهو يصلي يتنحنح لي).
وبمثل هذا صرح الحنابلة فأجازوا النحنحة لحاجة ولو بان حرفان، قال المروذي: كنت آتي أبا عبد الله فيتنحنح في صلاته لأعلم أنه يصلي.
وذهب الشافعية إلى أنه إنما يعذر من التنحنح وغيره: كالسعال والعطاس اليسير عرفا للغلبة، وإن ظهر به حرفان لعدم التقصير، وكذا التنحنح لتعذر القراءة الواجبة وغيرها من الأركان القولية للضرورة، أما إذا كثر التنحنح ونحوه للغلبة كأن ظهر منه حرفان من ذلك وكثر فإن صلاته تبطل، وصوب الإسنوي –من فقهاء الشافعية- عدم البطلان في التنحنح والسعال والعطاس للغلبة وإن كثرت إذ لا يمكن الاحتراز عنها، قال الخطيب الشربيني – من فقهاء الشافعية-: وينبغي أن يكون محل الأول ما إذا لم يصر السعال ونحوه مرضا ملازما له , أما إذا صار السعال ونحوه كذلك فإنه لا يضر كمن به سلس بول ونحوه بل أولى.
ولا يعذر لو تنحنح للجهر وإن كان يسيرا، لأن الجهر سنة، لا ضرورة إلى التنحنح له. وفي معنى الجهر سائر السنن . قال الخطيب الشربيني : لو جهل بطلانها بالتنحنح مع علمه بتحريم الكلام فمعذور لخفاء حكمه على العوام.
وذهب المالكية إلى أن التنحنح لحاجة لا يبطل الصلاة , ولا سجود فيه من غير خلاف , وأما التنحنح لغير حاجة , بل عبثا ففيه خلاف , والصحيح أنه لا تبطل به الصلاة – أيضا – ولا سجود فيه، وهو أحد قولي مالك وأخذ به ابن القاسم واختاره الأبهري واللخمي وخليل . والقول الثاني لمالك: أنه كالكلام، فيفرق بين العمد والسهو. وفسر ابن عاشر – من فقهاء المالكية – الحاجة بضرورة الطبع، وقيدوا عدم بطلان الصلاة بالتنحنح لغير الحاجة بما إذا قل وإلا أبطل، لأنه فعل كثير من غير جنس الصلاة .