التطير والتشاؤم من بعض الأشياء أو بعض الأشخاص أو من أي شيء لا يمت للإسلام بصلة ، بل جاء النهي عن ذلك ، وعلى المسلم إن خطر له هذا أن يدعه ، ولا يعش في أوهام تناقض الواقع الذي يعيش فيه .
يقول الشيخ القرضاوي :
التطير أو التشاؤم من بعض الأشياء، من أمكنة وأزمنة وأشخاص وغير ذلك من الأوهام التي راجت سوقها -ولا تزال رائجة- عند كثير من الجماعات والأفراد.
-وقديما قال قوم صالح له: (اطيرنا بك وبمن معك) سورة النمل:47.
-وكان فرعون وقومه إذا أصابتهم سيئة: (يطيروا بموسى ومن معه) سورة الأعراف:131.
-وكثيرا ما قال الكفار الضالون، حينما ينزل بهم بلاء الله لدعاتهم ورسل الله إليهم: (إنا تطيرنا بكم) سورة يس:18.
وكان جواب هؤلاء المرسلين)طائركم معكم) سورة يس:19. أي سبب شؤمكم مصاحب لكم، وهو كفركم وعنادكم، وعتوكم على الله ورسله.
-وكان لعرب الجاهلية في هذا الجانب سبح طويل، واعتقادات شتى، حتى جاء الإسلام فأبطلها، وردهم إلى النهج العقلي القويم.
ونظم النبي ﷺالتطير مع الكهانة والسحر في سلك واحد وقال: “ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له.
وقال ﷺ: “العيافة والطيرة والطرق من الجبت”.
العيافة: الخط في الرمل، وهو ضرب من التكهن لا زال حتى اليوم.
الطرق: الضرب بالحصى، وهو نوع من التكهن أيضا.
الجبت: ما عبد دون الله تعالى.
إن هذا التطير أمر قائم على غير أساس من العلم أو الواقع الصحيح، إنما هو انسياق وراء الضعف، وتصديق للوهم، وإلا فما معنى أن يصدق إنسان عاقل، أن النحس في شخص معين، أو مكان معين، أو ينزعج من صوت طائر أو حركة عين، أو سماع كلمة؟!
-وإذا كان في الطبع الإنساني شيء من الضعف يسول للإنسان أن يتشاءم من بعض الأشياء لأسباب خاصة، فإن عليه ألا يستسلم لهذا الضعف ويتمادى فيه، وخاصة إذا وصل إلى مرحلة العمل والتنفيذ.
وقد روي في ذلك حديث مرفوع: “ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الظن، والطيرة، والحسد، فإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ”. وبذلك تكون هذه الأمور الثلاثة مجرد خواطر وأحاديث نفس لا أثر لها في السلوك العملي وقد عفا الله عنها. وعن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: “الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك”.
قال ابن مسعود: “وما منا إلا.. ولكن يذهبه الله بالتوكل” يعني ابن مسعود: ما منا أحد إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك، ولكن الله يذهب ذلك عن قلب من يتوكل عليه ولا يثبت على ذلك الخاطر.