التأمين الصحي مثل غيره من أنواع التأمينات التجارية لا يجوز طالما أن القائم به تلك الشركات التقليدية، أما إذا كانت شركات التأمين الإسلامية هي التي تقوم به فلا مانع من ذلك.
وبالرغم من حرمته لدى شركات التأمين التقليدية، فقد أفتى بعض العلماء بجوازه للإنسان الفقير الذي لا يستطيع مواجهة ما يصيبه من أمراض، وما يتبع ذلك من عمليات جراحية باهظة التكلفة.
أما من كانت عنده القدرة المالية على مواجهة ما يصيبه من أمراض إلا أنه يريد الاستفادة من عائد شركات التأمين فلا يجوز له الاشتراك فيها؛ لأن الأصل حرمة الاشتراك في هذه الشركات، والمحرمات لا تستباح إلا بالضرورات.
يقول الدكتور وهبة الزحيلي رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه بجامعة دمشق ـ كلية الشريعة – رحمه الله تعالى :
إذا وصل الأمر إلى هذا الحد من الوقوع في الحرج الشديد أو الضرورة القصوى مع ملاحظة الإمكانات المالية المتواضعة أو المتوسطة، دون أن يتمكن أصحابها من متابعة أصول العلاج، أو إجراء العمليات الجراحية، أو غير ذلك من حالات الاستطباب، فيجوز في هذه الحالة الاشتراك في هذه الشركات عملا بالقاعدة الشرعية: الضرورات تبيح المحظورات. وقاعدة: المشقة تجلب التيسير. وقاعدة: إذا ضاق الأمر اتسع.
أما إن كان الشخص عنده من القدرة المالية ما يستطيع به العلاج دون هذه التأمينات، فلا يحل له اللجوء إلى هذه الشركات، فتكون العبرة في الجواز وغيره: توافر ظرف الضرورة الشرعية، أو الحاجة الملحة لإنقاذ النفس من الهلاك، ومن المعلوم: أن حق الحياة والمحافظة على البنية الإنسانية أحد مقاصد الشريعة. انتهى.
ويقول الدكتور وهبة الزحيلي- رحمه الله تعالى – في موضع آخر-:-
إذا كان هناك ارتفاع في تكاليف العلاج، ويصعب تأمين النفقات المطلوبة، فحينئذ لا مانع من وجود هذا التأمين الصحي، لأنه يدفع ضررًا عن النفس الإنسانية، ويكون التأمين في هذه الحالة مشروعًا، عملاً بمبدأ “الضرورات تبيح المحظورات”.
فالقضية إذن أنه لا نفتي بجواز التأمين في كل الأحوال، وإنما نجيزه في حال وجود الضرورة، أو وجود الحالة الملحة أو الشديدة.