من المعلوم أن الكتب السماويّة السابقة بشرت بالنبي ـ ﷺ ـ كما قال تعالى: (الذِينَ يتَّبِعونَ الرّسولَ النبيَّ الأمّيَّ الذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِنْدَهُمْ فِي التّوْراةِ والإنْجِيلِ) (سورة الأعراف : 157) كما أن من المعلوم أن جميع الأنبياء السابقين أخذَ اللهُ عليهم العهدَ أن يؤمِنوا بمحمدٍ ـ ﷺ ـ إذا أدرَكوه قال تعالى: (وإذْ أخذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا أتيتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وحِكْمةٍ ثُمّ جاءَكم رَسولٌ مصدِّق لمّا معكم لَتُؤْمِنُّنَ بِهِ ولَتَنْصُرَنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أقْرَرْنا قالَ فاشْهدُوا وأنّا مَعَكُمْ مِنَ الشّاهِدينَ) (سورة آل عمران : 81).
كما أنّ من المعلوم أيضًا أن الله أرسل رسلاً كثيرة، منهم مَن قصّ أسماءهم وأخبارهم على النبي ـ ﷺ ـ ومنهم من لم يقص عليه، ولم تخلُ أمة من الأمم إلا أرسَل الله إليها رسولاً، حتى لا يكون للناس على الله حُجّة بعد الرسل، قال تعالى: (ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمّةٍ رَسولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ واجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ) (سورة النحل: 36).
وقد أنزل الله كتبًا على هؤلاء الرسل، لا نَعرِف منها إلا ما قصَّه علينا القرآن الكريم من صحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وقرآن محمدٍ ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين.
لكن هل أرسل الله رسلاً في الهند، وهل أنزل عليهم كُتبًا؟ ذلك ما لم يثبُت بدليل قاطع، لأن الرسول قد يطلَق على النبي الموحَى إليه برسالة يبلِّغها، وقد يُطلَق على مَن يرسِله النبيُّ إلى جماعة لتبليغهم.
كما قيل في قوله تعالى: (واضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ القَرْيةِ إِذْ جَاءَهَا المُرْسَلُون . إذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بثالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إليكُمْ مُرْسَلونَ) (سورة يس : 13 ، 14) حيث قال المفسِّرون إنّهم مُوفَدون مِن قِبل سيدنا ـ عيسى عليه السلام ـ وقد يكونُ لجماعة من الرسل كِتاب واحد يتابعون الدعوة إليه كأنبياء بني إسرائيل من بعد موسى والتوراة التي نزلت عليه.
ومن المعروف تاريخيًّا أن الهند من قديم الزمان فيها ديانات، من أقدمِها البرهميّة أو البراهمايّة التي نشأت قبل الميلاد بنحو اثني عشر قرنًا، وكذلك البوذيّة التي نشأت في القرن السادس قبل الميلاد ومنها الهندوسيّة التي حارَبها الآريّون الوافِدون على الهندِ قبل الميلاد، بأكثر من قرن ونصف ، وهي أشبه بالمذهب الفلسفي، حيث لا يعرف لها نبي معين ولا كتاب مقدس واحد بالذات.
والنصوص المقدسة في الهند مكتوبة باللغة السِّنسِكْريتيّة القديمة التي من أشهرها: الفيدا والأوبانيشاد. والدِّيانة البرهميّة متعدِّدة الآلهة التي يقسِّمونها إلى ثلاث مجموعات، أقواها: فيشنو وشيفا.
وما دامت هذه الديانات وضعيّة وكتبها كذلك وضعيّة فكيف يتسنَّى لها أن تبشر بنبيٍّ يُبعث آخر الزمان؟ فلم نعثر على ما يُفيد بِشارة هذه الكتب بالرسول محمد ـ ﷺ ـ ، وإن كانت هناك مشابهة إلى حدٍّ كبير بين نصوص في بعض هذه الكتب الهنديّة ونصوص في الكتب السماوية المقدّسة عند اليهود والنصارى، لا نعلم أيُّها أسبقُ من الأخرى، ونحن نعلم أنها ليست جميعها وحيًّا صحيحَ النسبة إلى الله سبحانه كما قرَّر القرآن الكريم.