الديمقراطية -وهي المساواة بين أفراد الأمة في حرية التعبير- هذا المعنى هو معنى إسلامي وهو من خصائص الإسلام ومن شرائع الدين، وهو حق محفوظ في الإسلام.

وقد عمل به أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه عندما تُوفي رسول الله ونادى الأنصار بتولية خليفة للرسول منهم ونادى المهاجرون بتولية خليفة وكاد الأمر أن يحتدم بين المهاجرين والأنصار فدعاهم أبو بكر رضي الله عنه إلى التشاور وإلى الاحتكام إلى رأي الكافة من المسلمين، ثم جاء عمر رضي الله عنه فحسم الأمر بأن خطب خطبة مطولة بيَّن فيها فضل أبي بكر وموقعه من الإسلام ومن رسول الله في البيعة والهجرة والإمامة وغير ذلك من مشاهد المسلمين، ثم قال في نهاية خطبته أبسط يدك يا أبا بكر فبايعه وبايعه المسلمون، وهكذا ظلت الخلافة الراشدة تحتكم إلى أمر الله ورسوله حتى ظهرت الفتن في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه.

فالديمقراطية مقررة في القرآن لقوله تبارك وتعالى: ( وشَاوِرْهُم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله )، فمع أن الوحي كان ينزل على النبي في كل أمر صغير وكبير، وكان النبي يسأل ربه عن كل مسألة جَلَّت أو صغرت إلا أن الله سبحانه وتعالى شرع له مشاورة أصحابه؛ ليدربهم وليشرع لهم حرية إبداء الرأي.

وظهر من خلال سنة النبي في الحرب وفي السلم من مظاهر الديمقراطية ما لا يتسع المقام لذكره، فقد كان النبي ينزل على رأي واحد من الصحابة في أي مسألة من مسائل المسلمين إذا وجد الخير والحكمة في هذا الرأي، ويا ليت المسلمين يدرسون القرآن والسنة ويستخرجون منهما هذه الحكم وهذه المعاني السامية التي تسمو بالأمة أفرادًا ومجموعة.