يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
من أبرز تعاليم الإسلام : الحث على طلب العلم، فقد خلق الله الناس غفلاً من العلم، ومنحهم من فضله أدوات العلم ووسائله ليتعلموا، فإنما العلم بالتعلم.
وهذه الوسائل هي : الحواس ـ وخصوصًا: السمع والبصر ـ والعقل. كما قال تعالى : (واللهُ أخرجَكم من بطونِ أمهاتِكم لا تعلمون شيئًا وجعل لكم السمعَ والأبصارَ والأفئدةَ لعلكم تشكرون) [النحل: 78] وقال تعالى : (ولا تَقْفُ ما ليس لك به عِلمٌ إنَّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً) [الإسراء: 36].
الأدوات الرئيسية في التعلم :
السمع : فيما محوره الكلمة، وطريقة النقل.
والبصر: فيما يلاحظ ويشاهد ويجرِّب، وعلى أساسه قامت العلوم الطبيعية والتجريبية كلها.
والفؤاد أو العقل : فيما يحتاج إلى إعمال نظر، وترتيب فكر، للوصول من المقدمات إلى النتائج، ومن المعلول إلى العلة، ومن المعلوم إلى المجهول.
وقال الشاعر :
تَعَلَّمْ، فليس المرء يولد عالمًا وليس أخو علم كمَن هو جاهل!
وقال عليه الصلاة والسلام : “إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًى بما يَصنع”. (هو جزء من حديث أبي الدرداء الذي رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان، كما في صحيح الجامع الصغير 6297). ومعنى وضع أجنحتها له: التواضع والخشوع توقيرًا له وتعظيمًا لحقه، أو أنها تفرشها وتبسطها له، لتحمله عليها حيث يريد، تيسيرًا ومعونة من الله، أو أنها تكف عن الطيران؛ لأنها تحفه في مجلس العلم، كما ورد في الصحيح.
وقد ورد : أن طلب العلم بمنزلة الجهاد في سبيل الله، روى الترمذي عن أنس مرفوعًا: “من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع”. (رواه الترمذي في العلم برقم 2649 وقال : حسن غريب ورواه بعضهم فلم يرفعه قال في فيض القدير: فيه خالد بن يزيد اللؤلؤى، قال العقيلي : لا يتابع على كثير من حديثه، ثم ذكر له هذا الخبر. وقال الذهبي : رواه مقارب 6/124 وقال الحافظ في “التقريب”: صدوق يهم)
كما تكاثرت النصوص من القرآن والسنة في التنويه بقدر العلم ومكانة العلماء، وفضل التعلم، قال تعالى : (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (الزمر: 9) وقال سبحانه : (شَهِدَ اللهُ أنه لا إلهَ إلا هو والملائكةُ وأولوا العلمِ قائمًا بالقسطِ) [آل عمران: 18].
قال الإمام الغزالي : فانظر كيف بدأ سبحانه بنفسه، ثم ثنَّى بملائكته، ثم ثلَّث بأولي العلم.
وقال عز وجل : (إنما يخشى اللهَ من عبادِه العلماءُ) [فاطر: 28].
فالخشية ثمرة المعرفة، فمن عرف الله خشيه حق خشيته، بخلاف مَن يجهل مقام الله، فهو أجدر أن لا يخشاه، كالطفل يمسك بالنار فتلسعه؛ لأنه لا يعرفها.
وقال ﷺ : “خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه. (رواه البخاري عن عثمان بن عفان 5027)
وقال الله تعالى في كتابه : (فلولا نَفَرَ من كلِّ فرقةٍ منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدينِ وليُنذروا قومَهم إذا رَجَعوا إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة: 122)، وقال: (فاسألوا أهلَ الذكرِ إنْ كنتم لا تعلمون) [النحل: 43 والأنبياء: 7].
وقال ابن عباس : ذُلِلتُ طالبًا، فعُزِّزت مطلوبًا!
وقال ابن المبارك : عجبتُ لمن يطلب العلم كيف تدعوه نفسه إلى مكرمة!
وقال بعض الحكماء : إني لا أرحم رجالاً كرحمتي لأحد رجلين: رجل يطلب العلم ولا يفهمه، ورجل يفهم العلم ولا يطلبه!
وقال أبو الدرداء : لأنْ أتعلم مسألة أَحب إلي من قيام ليلة!
وقال : العالم والمتعلم شريكان في الخير، وسائر الناس همج لا خير فيهم.
وقال أيضًا : كن عالمًا أو متعلمًا أو مستمعًا، ولا تكن الرابع فتهلك!
والرابع هو المعرض عن العلم.
ومما حُكي من وصايا لقمان لابنه : يا بُني، جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإن الله سبحانه يحيي القلوب بنور الحكمة، كما يحيي الأرض بوابل السماء. (ذكر هذه الآثار الغزالي في “الإحياء” وخرَّجها شارحه الزبيدي في “الإتحاف”)