فضلات الحيوانات التي تستخدم في تسميد الزراعة:
1 -إما أن تكون فضلات لحيوانات يجوز أكل لحمها كالإبل، والبقر والجواميس، والأغنام.
2 -وإما أن تكون فضلات لما لا يجوز أكل لحمه كفضلات الإنسان، وفضلات الخنزير، والحمير، والأفراس- على خلاف في الأفراس -.
-فأما استخدام فضلات النوع الأول في التسميد فلا مانع منها شرعا ؛ لأن الراجح أن هذا النوع من الفضلات طاهر شرعا.
-أما استخدام فضلات النوع الثاني فلا مانع منها أيضا، ولا تنجس الزروع والثمار بها إلا إذا أصابت هذه النجاسات ثمار الزروع وعيدانه فعندئذ يجب غسلها قبل تناولها، أما إذا تحللت في الأرض ، ولم يعلق شيء منها بالزروع ولا الثمار فلا يجب غسلها .
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين : ـ
إن الزروع والثمار المسقية بالنجاسة ليست نجسة العين ولكن إذا أصابتها النجاسة فهي نجسة ويجب تطهيرها قبل استعمالها فإذا غسلت فقد طهرت .
وأما إذا لم تصبها النجاسة مباشرة فهي طاهرة قطعاًُ ولا حاجة لغسلها ، وإن نبتت في مكان نجس أو سقيت بماء نجس .
وإن المسلمين قد توارثوا استخدام الزبل الطبيعي في تسميد مزروعاتهم وهو نجس عند كثير من الفقهاء ولكنهم لم يقولوا بنجاسة الثمار والمزروعات التي تنبت عليه .
قال الإمام النووي رحمه الله:
[ الزرع النابت على السرجين (الزبل الطبيعي) قال الأصحاب ليس هو نجس العين لكن ينجس بملاقات النجاسة نجاسة مجاورة وإذا غسل طهر ، وإذا سنبل فحباته طاهرة قطعاً ولا حاجة لغسلها وهكذا القثاء والخيار وشبههما يكون طاهراً ولا حاجة لغسله ، وكذا الشجرة إذا سقيت ماء نجساً فأغصانها وأوراقها وثمارها طاهرة ] المجموع 2 / 573 . انتهى
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي مبينا حكم فضلات ما يؤكل لحمه:-
اختلف الفقهاء في بول وروث ما يؤكل لحمه من الدواب، كالإبل والبقر والغنم ـ من الأنعام ـ ومثلها الطيور من الدجاج والبط والأوز والحمام ونحوها .
فعند المالكيةأن هذه الأبوال والأرواث طاهرة، قال الدردير في الشرح الصغير: من الطاهر: فضلة المباح من روث وبعر وبول، وزبل دجاج وحمام وجميع الطيور، ما لم يستعمل النجاسة، فإن استعملها أكلا أو شربا، ففضلته نجسة .
وقد وافق محمد بن الحسن مالكا في طهارة بول ما يؤكل مستدلا بحديث العُرَنيين الذين وصف لهم الرسول الكريم شرب أبوال الإبل وألبانها، ليستشفوا بها، ولو كانت نجسة ما وصفها لهم دواء وشفاء، فإن الله لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها. خلافا لأبي حنيفة وأبي يوسف. وحجتهما أنه استحال إلى نتن وخبث فيكون نجسا، كبول ما لا يؤكل لحمه. ولكنهما جعلاه من النجاسة المخففة لتعارض النصوص، ولعموم البلوى به .
ويدخل في ذلك: بول الفَرَس، ولعاب البغل والحمار، وخرء ما لا يؤكل لحمه من الطيور، كلها نجاسته مخففة، وحكم النجاسة المخففة: أن يعفى فيها عن ربع الثوب أو البدن .
وعند زفر: روث ما يؤكل لحمه طاهر .
وقال الحنفية: خرء ما يؤكل لحمه من الطيور كالحمام والعصافير طاهر، لإجماع المسلمين على ترك الحمام في المسجد، ولو كان نجسا لأخرجوه منه، وخصوصا في المسجد الحرام .
واستثني من هذه الطيور: الدجاج والبط الأهلي، فنجاستهما غليظة بالإجماع .
وأما بول وروث ما لا يؤكل لحمه: فنجاسته غليظة عند أبي حنيفة، لثبوته بنص لم يعارضه غيره، وهو قوله في الروثة ” إنها رِكْس “.
وعند أبي يوسف ومحمد: مخففة، لعموم البلوى به في الطرقات ووقوع الاختلاف فيه .
وعند الشافعية: الأبوال والأرواث كلها نجسة، سواء كانت مما يؤكل لحمه أم مما لا يؤكل لحمه، ونجاستها كلها عندهم غليظة، فلا يعفى عن شيء منها إلا ما يشق الاحتراز عنه .
وعند الحنابلة أكثر من رواية عن الإمام أحمد. ولكن الذي اعتمده شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه من بضعة عشر وجها هو: القول بطهارة بول وروث كل ما يؤكل لحمه .
وقد أفاض ابن تيمية في بيان أن روث ما يؤكل لحمه طاهر، وذكر عدة أدلة على ذلك. منها الحديث المستفيض الذي أخرجه أصحاب الصحيح وغيرهم: حديث أنس بن مالك: أن ناسا من عكل أو عُرينة قدموا المدينة، فاجتووها (شكوا من جوها) فأمر لهم النبي ﷺ بلقاح (إبل) وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها… إلى آخر الحديث .
ووجه الحجة أنه أذن لهم في شرب أبوال الإبل، ولا بد أن يصيب أفواههم وأيديهم وثيابهم وآنيتهم، فإذا كانت نجسة وجب تطهير أفواههم وأيديهم وثيابهم للصلاة. وتطهير آنيتهم، فيجب بيان ذلك لهم، لأن تأخير البيان عن وقت الاحتياج إليه لا يجوز. ولم يبين لهم النبي ﷺ أنه يجب عليهم إماطة ما أصابهم منه، فدل على أنه غير نجس .
كما أنه قرن بين الأبوال والألبان، وهذا يوجب استواءهما، أو على الأقل يورث شبهة .
وهناك دلالة أخرى في الحديث، وهو أنه أجاز لهم التداوي بأبوال الإبل مع ألبانها، ولو كانت نجسة محرمة، ما أباح لهم التداوي بها، فقد ثبت عنه منع التداوي بالحرام .
ثم قال الدكتور يوسف القرضاوي:-
وبهذه الأدلة الناصعة: يتبين لنا رجحان القول بطهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه، دون أن يكون في نفس المسلم أدنى ريب من ذلك.انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:-
يجوز استعمال الزبل والسرجين في الفلاحة لتنمية الزرع ، وقالوا : ولا يكون النابت نجس عين ، ولكنه ينجس بملاقاة النجاسة ، فيطهر بالغسل .