اختلف الفقهاء فيمن تجب عليه نفقة غيره من الأقارب: فذهب بعض الفقهاء إلى أن النفقة تجب على العصبات فقط، ومعنى ذلك أنها لا تجب على الإناث، و مقتضى هذا القول أن نفقة الطفل الصغير تجب على أبيه دون أمه، وإن مات أبوه فلا تجب نفقته على أمه ، ولكن تجب على العصبات من الرجال، ومقتضى هذا القول أيضا : أن الوالدين ينفق عليهما أبناؤهما الذكور دون الإناث، وهذا هو قول.
وذهب بعض الفقهاء، مثل : الحسن , ومجاهد , والنخعي , وقتادة , والحسن بن صالح , وابن أبي ليلى , وأبو ثور إلى أن نفقة الفقير تجب على قريبه الغني بشرط أن يكون ممن يرثنه، ومقتضى هذا القول أن تجب النفقة على الإناث مثل الرجال ، أي أن يجب على البنت نفقة والديها كما يجب على إخوتها الذكور، وقد ذهب الحنابلة إلى ذلك في رواية عنهم .
ومما يدل على هذا القول , قول الله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } . ثم قال : { وعلى الوارث مثل ذلك } . فأوجب على الأب نفقة الرضاع , ثم عطف الوارث عليه , فأوجب على الوارث مثل ما أوجب على الوالد .
وعلى ذلك فيجب على البنت نفقة والديها كما يجب على إخوتها الذكور بشرط أن تكون غنية قادرة، وبشرط أن يكون والدايها فقيرين محتاجين، ولا يجوز لزوجها منعها من أداء هذا الواجب، ويحسن أن يتفاهما بيسر ليصلا إلى المراد دون مشاكل.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في كتابه المغني:
وإن اجتمع ابن وبنت , فالنفقة بينهما أثلاثا , كالميراث . وقال أبو حنيفة : النفقة عليهما سواء ; لأنهما سواء في القرب . انتهى.
وعلى ذلك تقسم النفقة عليها وعلى إخوتها وأخواتها، كل بحسب نصيبه من الميراث.