يدعي البعض أنه لا يوجد طريقة لإحياء حفل الزفاف إلا بالفرق الغنائية الراقصة؛ والصحيح أن هناك فرق إسلامية تحيي الأفراح أيضا، وهذه الفرق لا تقدم إيقاعات راقصة، وحتى لو لم توجد فرقا إسلامية فإنه لا يجوز الاستسلام للواقع الجاهلي.

ولئن استسلم الناس للواقع الجاهلي، فلا ينبغي للمسلم أن يستلم لهذا الواقع، وعلى هذا فمن كان يعلم ابتداء أن الحفل سيكون به منكرات متفق عليها شرعا فلا يجوز له أن يذهب، أما إذا كان للنساء مكان ، وللرجال مكان منفصلا فلا بأس بالذهاب طالما أنه لن يغشى أماكن المعصية ، ولا بأس أن يكون فيها شيء من الغناء العفيف …. فإن بعض العلماء أجاز ذلك.

قال الإمام الشوكاني:-

روى أحمد في كتاب الورع أن ابن عمر دعا أبا أيوب فرأى في البيت سترا فقال : غلبنا عليه النساء , فقال : من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك , والله لا أطعم لكم طعاما فرجع “.
وأخرج أحمد في كتاب الزهد من طريق عبد الله بن عتبة قال : ” دخل ابن عمر بيت رجل دعاه إلى عرس فإذا بيته قد ستر بالكرور , فقال ابن عمر : يا فلان متى تحولت الكعبة في بيتك , فقال لنفر معه من أصحاب محمد : ليهتك كل رجل ما يليه ” .
وأحاديث الباب وآثاره فيها دليل على أنه لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى الله ورسوله لما في ذلك من إظهار الرضا بها .

قال الحافظ في الفتح : وحاصله إن كان هناك محرم وقدر على إزالته فأزاله فلا بأس , وإن لم يقدر فليرجع , وإن كان مما يكره كراهة تنزيه فلا يخفي الورع .

وقال : وقد فصل العلماء في ذلك , فإن كان هناك لهو مما اختلف فيه فيجوز الحضور , والأولى الترك , وإن كان هناك حرام كشرب الخمر نظر , فإن كان المدعو ممن إذا حضر رفع لأجله فليحضر , وإن لم يكن كذلك ففيه للشافعية وجهان : أحدهما : يحضر وينكر بحسب قدرته وإن كان الأولى أن لا يحضر . قال البيهقي : وهو ظاهر نص الشافعي وعليه جرى العراقيون من أصحابه .
وقال صاحب الهداية من الحنفية : لا بأس أن يقعد ويأكل إذا لم يكن يقتدى به فإن كان، ولم يقدر على منعهم فليخرج لما فيه من شين الدين وفتح باب المعصية .
وحكي عن أبي حنيفة أنه قعد , وهو محمول على أنه وقع له ذلك قبل أن يصير مقتدى به .

قال : هذا كله بعد الحضور , فإن علم قبله لم يلزمه الإجابة .

والوجه الثاني للشافعية : تحريم الحضور لأنه كالرضا بالمنكر , وصححه المروزي فإن لم يعلم حتى حضر فلينههم , فإن لم ينتهوا فليخرج إلا إن خاف على نفسه من ذلك . وعلى ذلك جرى الحنابلة .
وكذا اعتبر المالكية في وجوب الإجابة أن لا يكون هناك منكر , وكذلك الهادوية .