الانتحار ضد الإيمان بالله، فإيمان المؤمنيحمل الأمل في نفسه في الله جلَّتْ قدرته.. يحمل الأمل في رحمته وفي تفريجه الكروب.. والأزمات عند اشتدادها.

والذي يُقدم على الانتحار من الشباب، والرجال، والنساء، يتملَّكه اليأس من الحياة.. وتُظلِم الدنيا في وجهه. واليائس لا يكون صاحب أمل.. وبالتالي لا يكون مُؤمنًا بالله. وهذا الانتحار جريمةٌ أخرى تُضاف إلى جرائم الإنسان السابقة.. الذي يُحاول الانتحار. وليست تكفيرًا عن جريمة باشَرَها المنتحر ـ كارتكاب الفاحشة مثلا ـ وليس أيضًا تطهيرًا منها.

ولكن الله القادر الجبَّار.. هو الله الرحيم بالإنسان، والإسلام لأنه رسالة الله يُقدر الإنسان على أنه غير مَعصوم عن الخطأ ومُباشرة الذنوب. فهذه الطبيعة البشرية التي تَتصارع في داخلها شهوات النفس وأهواؤها.. مع عقل الإنسان وحكمته.. وعن هذا الصراع: يتولَّد الخطأ ويرتكب الإنسان الإثْم، والمعصية، والفاحشة، ما ظهر منها وما بطن.

ومن أجل هذه الطبيعة المُزدوجة المُتصارعة في الإنسان التي يترتَّب على ازدواجها: ارتكاب الأخطاء والذنوب.. كانت التوبة إلى الله.. وكان الرجوع إليه عند ارتكاب المعصية ومعنى الرجوع إليه: الرجوع إلى تنفيذ ما أمر به في كتابه وما نهى عنه في هذا الكتاب.. معنى الرجوع إليه: الإصرار على ترْك المنكر أو الفاحشة.. والْتزام العمل بدين الله.. والإيمان به.

والتوبة: العودة إلى الإيمان بالله وإلى العمل والسلوك، والتصرُّف طبْقًا لمَا يدعو إليه الإيمان بالله: يَستقبل جلالَ المولى في الصلاة ويدعوه أن يَغفر له ما باشَرَهُ مِن ذَنْبٍ وخطيئة.. وتَعِدُهُ وَعْدًا أكيدًا باتِّباع رسالةِ الرسول ـ صلى الله عليه وسلمـ فإذا كان المُخطئ مُخلِصًا في التوبة مِن خطئه.. وكانت توبته قريبة من مباشرة الخطأ أو الذنب.. واستمر مُتجنِّبًا الَمعاصي والآثام: فإن الله يَقبل توبته: فهو الرحيم الذي يَقبل التوبة: (والذينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلَهًا آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التي حرَّمَ اللهُ إلَّا بالحقِّ ولا يَزْنُونَ ومَن يَفْعلْ ذلكَ يَلْقَ أثَامًا. يُضاعَفْ لهُ العذابُ يومَ القِيامةِ ويَخْلُدْ فيهِ مُهانًا. إلَّا مَن تابَ وآمَنَ وعمِلَ عملًا صَالِحًا فَأُولئكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسناتٍ وكانَ اللهُ غَفورًا رَحيمًا. ومَن تَابَ وعمِلَ صَالِحًا فَإنَّهُ يَتُوبُ إلَى اللهِ مَتَابًا). (الفرقان: 68ـ71). وقد وعَد الله ـ سبحانه ـ هنا بأن يُبدل سيئاتِ المخطئين.. إلى حسنات لهم، إن هم تابوا توبةً مخلصة وعادوا إلى اتباع تعاليم الله في رسالة رسوله الكريم، فهو ـ سبحانه ـ لم يكتفِ بالمغفرة عن الذنوب وإنما أضاف فضْلاً، بعد الغفران. والمسلم عليه أن يطمئن ويستمر في طاعة الله، ويتوكل على الله في أن يغفر له ذنْبه ويَجزيه في آخرته.. وليدع الهموم والأحزان. فهي من عمل الشيطان عندئذٍ.

والله أعلم.