تحدَّث العدَوي في كتابه ” مشارق الأنوار” في مساحة أربع صفحات أو خمس من القَطْع الكبير عن أرواح المؤمنين السعداء غير الأنبياء والشهداء فقال: هناك اختلافٌ كبير في مقرِّها.
فقيل: إنها على أفْنِيَة القبور في بعض الأحيان، وفي غير ذلك تسْرح حيث شاءت، وأوْرد أحاديث ليست قطعيَّة الثبوت، وبناء عليها قال ابن القيم: التحقيق أنَّ الأرواح متفاوتة في مُسْتقرِّها في البَرْزَخ أعظم تفاوت، وعلى كل تقدير فللروح بالبدن اتصال، بحيث يصح أن تُخَاطب ويُسَلَّم عليها، ويُعْرَض عليها مَقْعدها.. إلى أن قال: لا منافاة بين كون الروح في عِلِّيين أو الجنة أو السماء وأن لها اتِّصالًا بالبدن بحيث تُدْرِك وتَسْمع وتصلِّي وتقرأ، وإنما يُسْتغرب هذا لقياس الغائب على الشاهد، والأمر مختلف، فأمور البرزخ على نَمَط غير المألوف في الدنيا.
وانتهى ابن القيم إلى قوله: والحاصل أنه ليس للأرواح سعيدِها وشقيِّها مستقَرٌّ واحد، وكلها على اختلاف محالِّها وتَبايُن مقارِّها لها اتصال بأجسادها في قبورها.
وقال ابن حَجر: أرْواح المؤمنين في عِلِّيين، وأرواح الكفار في سِجِّين، ولكل روح بجسدها اتصال معنوي لا يُشبه الاتصال في الحياة الدنيا، بل أشبه شيء حال النائم،
وإن كان هو أشد اتصالًا من حال النائم.
واقرأ في هذا الكتاب “ص46” وصف الصُّور الذي سيَنفٌخ فيه إسرافيل، أن فيه أربع شُعَب، للمشرِق والمغرِب والأرض والسماء، وفي كلٍّ منها ثُقوب، بعضها لأرواح الأنبياء، وبعضها لأرواح الملائكة، وبعضها لأرواح الجن، وبعضها لأرواح الإنس وبعضها لأرواح البهائم، وهكذا إلى سبعين صنفًا، وكل ذلك ليس عليه دليل صحيح تُبْنَى عليه العقائد، فالأوْلى عدم الخَوْض فيه، وقد ذكرته لعرض بعض التصورات القديمة عن عالم الغيب، الذي يجب الاحتياط والدِّقة في الحديث عنه.